ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
"فوق مستوى الشبهات": كنز يسرا الرمضاني
الأربعاء 29 06 2016 12:00
رمضان هذه السنة، تفوّقٌ للدراما المصرية. ثمة مسلسلات، منها "فوق مستوى الشبهات"، لطَّفت تعب هذا الشهر، وأضافت إلى واجب المشاهدة بعض العذوبة. المسلسل يعيد يسرا إلى وهجها التلفزيوني بعد أدوار رمضانية مفككة.
تحيّرك يسرا في المسلسل (كتابة عبدالله حسن وأمين جمال، وإخراج هاني خليفة، تعرضه CBC، "دبي"، "الحياة") فلا تدري أكانت ضحية أم مذنبة. هي الدكتورة رحمة، اسمٌ على غير مسمّى، قاسية، متقلّبة، مزاجية، تقتل وتسير ببرودة في جنائز ضحاياها. قتلُها أحد الأطباء النفسيين، وضع الشخصية أمام مواجهة مصيرية مع ماضٍ مشوّه وتنصّل دائم من دفع الثمن. كانت مراهقة حين بدأت تتحوّل شخصية مرفوضة تدفع باهظاً مقابل لعنات القدر، فكبرت لتنقضّ عليه قبل أن يغرز أسنانه في عنقها. هذا مبرر قسوة القلب ومواجهة الجميع بضمير ميت وأنوثة محطّمة.
تُخرِج رحمة ما في أعماق يسرا من استفزاز وتناقض وعواصف تقتلع بلا شفقة. يسرا في مرحلة تحدٍ لقدرة الممثلة فيها على المفاجأة. قلّة تملك مفتاح خلق الصدمة، ويسرا، هذه السنة، من القلّة. شخصية تدوس مَن يقف في وجه إعصارها، كلّ مَن حولها ملعونٌ بشرّها. هذا المسلسل عن حتمية الاقتراب من النهاية. في إطار البحث عن قاتل الطبيب النفسي، تولد فيه خطوط مشبوهة عنوانها الخيانة والثأر والانتحار والفضيحة، وتُقدّم بسياق درامي مفاجئ يقوّض منطق الكليشيه في المسلسلات الرمضانية.
البطولة المطلقة ليسرا لا تجعل مَن حولها تابعين، أدوارهم هامشية، بل على العكس، الجميع مشكوك في أمره، متورّط، بريء في لحظة ومذنب في لحظات. يطرح المسلسل إمكان أن ينام في داخل كلّ منا وحشٌ برأسين وعين لا ترى سوى الظلمة. ويسأل: هل من ضوء بعد النفق؟ هل سنعيش إلى الأبد بهاجس الشكّ والخوف من الخسارة؟ أحياناً، لا تهمّ النهاية، ولا نشاء بالضرورة عودة المياه إلى مجاريها. يسرا منحت النصّ ثقلاً، فاستحق أداؤها جميل الكلمات.