بأقلامهم >بأقلامهم
جمال عبد الناصر رجل في أمّة وأمّة في رجل (1/4)
جمال عبد الناصر رجل في أمّة وأمّة في رجل (1/4) ‎الخميس 15 07 2021 08:43 المحامي عمر زين
جمال عبد الناصر رجل في أمّة وأمّة في رجل (1/4)


بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الجيش المصري التي قامت بتاريخ 23 يوليو/ تموز 1952، بقيادة تنظيم الضباط الأحرار ورئيسه الضابط المقدم أركان حرب «البكباشي» جمال عبد الناصر، وانقطعت بل وانطفأت بوفاة قائدها في 28 سبتمبر/ أيلول 1970، أي لمدة ثمانية عشر عاماً اكتنزت خلالها بمنجزات تاريخية رائعة: مصرية وعربية ودولية عالمية. وعلى مدار هذه السنوات الطويلة منذ قيامها وحتى اليوم اتبعت هذه الثورة دراسات وتحليلات وتوقعات واستنتاجات وتأييدات وعدائيات (وعلى هذه الحال سيبقى الوضع مستمراً دورياً مع تجدد المناسبات والذكريات).

أما نحن - وخلافاً لعاداتنا السنوية - فقد آثرنا أن نتوجه لأولادنا ولأحفادنا ولأمثالهم من الأجيال اللاحقة لجيلنا (وقد شارفنا على نهاية العمر) في بيئتنا الوطنية اللبنانية وفي جنبات مجتمعنا العربي ببعض مما أوحته لنا هذه الثورة المجيدة وببعض مما طلعت به هذه القيادة التاريخية وأنجزته على المستوى المصري والمستوى العربي والمستوى الدولي/العالمي الى درجة انه كان يخيّل لمفكرين ومحللين وطنيين واقليميين ودوليين ان انجازات هذه الثورة لا يمكن أن تحدد بثمانية عشر عاماً فقط بل تتسع لها عشرات السنين وأكثر.

فجمال عبد الناصر هو أول حاكم وطني مصري عرفه المصريون منذ نهاية عصور الفراعنة منذ مئات السنين. وهو أول حاكم وطني مصري لم يقفز الى السلطة والحكم وفق الطريقة الانقلابية العسكرية التقليدية «قمْ لأقعد محلك»، بل كان أول حاكم مصري، بل أول حاكم خرج وفي يده البيان الأول لهذه الثورة - وليس ابداً هذا الانقلاب العسكري - وهو بيان المبادئ الستة التالية التي بتحقيقها استعادت مصر كرامتها الوطنية واستعادت مصر دورها الريادي في دنيا العرب وفي الساحة الدولية العالمية:

- القضاء على الاستعمار وأعوانه.

- القضاء على الاقطاع.

- القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم.

- إقامة عدالة اجتماعية شاملة.

- إقامة حياة ديمقراطية سليمة.

- إقامة جيش وطني قوي.

وجمال عبد الناصر بهذه المبادئ الستة الثورية: هو القائد الثائر لهذه الثورة الشعبية التي اقتلعت النظام الملكي الرجعي من جذوره ودون ان تهدر فيها قطرة دم واحدة لا من قوى النظام البائد ولا من قوى الثورة الشعبية ولا من جماهير الشعب المصري الذي خرج واندفع مباركاً ومؤيداً للنظام الثوري الجديد.

وجمال عبد الناصر هو الذي قضى على الاقطاع، واعاد الارض المصرية الى الشعب المصري الكادح الذي فيها سخرة بأمر رجال الاقطاع، بحيث كان قانون الاصلاح الزراعي قد قضى على الاقطاع، واعاد للشعب المصري سيادته على ارض اول قانون ثوري جسد على الارض شعار او مبدأ القضاء على الاقطاع.

وجمال عبد الناصر هو الذي قضى على الاستعمار العسكري البريطاني المرابط على طول قناة السويس، حماية لادارتها الاجنبية من الانكليز والفرنسيين وغيرهم، وذلك بإكراه الانكليز على توقيع اتفاقية جلاء الجيش الانكليزي (90,000 عدداً وعدة) عن قناة السويس بمدة اقصاها شهر حزيران 1954 وهذا ما حدث في حينه.

وجمال عبد الناصر هو الضابط المصري الذي دخل حرب فلسطين 1948 مع القوات المصرية «المزودة بالاسلحة الفاسدة»، وهو الذي تعرض للحصار في موقع الفالوجة واصيب لمرتين، وهو الذي كان يقول: «كنا محاصرين هنا في الفالوجة في فلسطين ولكن الحصار الاكبر هناك في مصر في القاهرة...».

وجمال عبد الناصر وبحرصه على اقامة جيش وطني قوي، هو الذي كسر احتكار السلاح، متجاوزاً ممنوعات الدول الغربية، عندما توجه الى السفير السوفياتي في احدى المناسبات الاحتفالية قائلاً له: وانتم ايها السادة السوفيات، الا تسلحون الجيش المصري؟! وبقدر ما كان السؤال مفاجئاً كان الجواب اكثر مفاجأة وبدأت عملية كسر احتكار السلاح وتزويد الجيش المصري بكل ما يحتاجه وسط تسهيلات واسعة ووسط ذهول الغرب بكل دوله.

 

* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب

المصدر : اللواء