بأقلامهم >بأقلامهم
"عدّوا للعشرة" بدلا من "عدّ الضحايا بالعشرة"!
جنوبيات
هي سلطة لمن لا سلطة لهم, هي القوة التي تستخدم من خلف شاشات الأجهزة الإكترونية وتترجم بأساليب وحشية لتدمر فريسة مستخدميها. هي ظاهرة "الابتزاز الالكتروني" التي تنتشر بكثرة مؤخراً.
تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة: "ضحايا", ولكن ينقسم الضحايا الى فئات عدة فيتغلب الخوف والضعف والذنب على البعض والذي قد يوصلهم الى الاكتئاب أو رفض العالم الخارجي أو حتى الشعور بالنبذ الاجتماعي فيقيدون حياتهم بتجربة سيئة قد سرقت أيامهم وحولتها الى حياة بلا حياة والبعض الاخر قد يصل بهم الحال الى انهاء حياتهم فعلاً واللجوء الى الانتحار كوسيلة للتخلص مما ارتكبوه.
أما البعض الاخر فيقرر أن ينتفض وأن يكسر تلك القيود ويحولها الى قوة وعبرة كي لا يقع الاخرون بما وقعوا فيه وهذه الفئة تتقبل الظرف التي وضعت نفسها فيها أو حتى وُضعت فيه بلا وعي ودراية ولكنها ترفض أن تبقى ضمن فئة الضحايا.
"جنى" وهو اسم مستعار اختارته احدى "الضحايا" لتخبر قصتها وتحول معاناتها الى درس كي لا يقع غيرها بما وقعت فيه.
وفي حديث خاص لموقع "جنوبيات", تقول جنى: لم أوافق على اخبار قصتي لأنني فخورة بما ارتكبته بل لأنني لا أريد ألا يقع غيري بما وقعت به, لعل ذنبي يتحول الى الهام خصوصا للمراهقات الأكثر عرضة للوقوع بشبكة المبتزين.
وعن قصتها, تؤكد أنها فتاة ملتزمة دينياً وهي من اختارت أن تتحجب عن قناعة, وتضيف: "كنت تلميذة في الثانوية وكان كل همي أن أدرس وأنجح, ولكن وعند تصفحي لصفحتي الخاصة على "الفيسبوك" وجدت أنني تلقيت طلب صداقة من أحد الشباب وكان قد تفاعل مع كل منشوراتي وعلق على أغلبها بكلمات رقيقة تشيد بجمالي وحينها لم أقبل طلب الصداقة ولكن بعد أسبوع واحد أعاد طلب الصداقة وكان قد أرسل لي عبر "الماسنجر": (بالحقيقة أنت فتاة جميلة جدا وأنا معجب بك جدا وأريد التعرف عليك). ولكنني لم أرد حينها ولكن بقي كلامه معلقاً بذهني وبعد أيام قليلة أعاد مراسلتي فحينها ظننت أن إصراره هذا يعني أنه فعلا معجب بي وإلا كان راسل أي فتاة أخرى وردّت عليه وحقق مبتغاه بالتسلي".
وتتابع:" مرت أيام ونحن نتراسل وكان مهذباً جدا ودائما ما يخبرني أنني فتاة لا تشبه فتيات عصرها بل كان يشيد بأخلاقي وطريقتي الراقية في الكلام. ولكن وبعد أيام, بدأت عملية استدراجي وحينها كنت قد وقعت في شباك حبه وكلامه المعسول فطلب مني أن أرسل له صورتي بلا "ماكياج" لأنه يريد أن يرى "جمالي الطبيعي" فلم أجد ذنبا بهذا التصرف لأنه لا يعتبر غير أخلاقي ففعلت.
ولكنه لم يكتفِ بهذه الصورة بل طلب مني بعد أيام صورة بلا حجاب فعلى الفور رفضت ولكنه أصرّ على ذلك قائلا: "رفضك يعني عدم ثقتك بي, ثم أوهمني أنه يريد الزواج مني سائلاً كيف يمكنني ألا أثق بزوجي المستقبلي مهدداً بتركي تحت عذر لا يمكن الاستمرار بعلاقة مبنية على عدم الثقة" وللأسف ولأنني متعلقة به كثيراً خفت أن يتركني فأرسلت الصورة التي ألقّبها برصاصة صوّبتها على نفسي ثم استمرينا بعلاقة جيدة لحوالي الأسبوعين ولكن بعدها بدأ جحيمي".
وفي يوم السبت عند الساعة العاشرة صباحا تصلني رسالة مضمونها صورتي بلا حجاب مكتوب عليها ان لم تتواجدي في هذا المكان عند الساعة السادسة اعتبري أن صورتك أصبحت منشورة على كل مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً على رقم والدك." فحينها ظننت أن أحد ما قد "هكّر" حسابه فاتصلت به مرات ومرات ولكنه لم يجب وبقيت بحِيرةِ الذهاب من عدمه ولكن أخيراً قررت الذهاب.
وعند وصولي, صدمت بأنه موجود هناك وأنه هو من أرسل الرسالة فسألته عن السبب وبدأت بالصراخ فلم يجب الا بنبرة حادة: "اما تتعاطين من هذا النوع أو ستُنشر الرسالة" فبدأت بالبكاء والقول لا يمكنني فعل هذا بنفسي فمسك هاتفه ووضع الصورة على رقم أبي ولم يبق إلا الضغط على زر الإرسال فأخذت القرار الأصعب وقلت أنني سأفعل ما يريد وبقينا هكذا لفترة حتى تحولت الى مدمنة حقيقية فبدأ بتهديدي إما المال أو لا مخدرات وارسال صورة فدفعت المبلغ واستمرينا هكذا الى حين لم أستطع الدفع فطلب المقابل "شرفي" فرفضت على الفور وأسرعت بالفرار
وبعد يومين بدأت حالتي بالانهيار وأحتاج جرعة فلوحظت حالتي واعترفت لأهلي عما أصابني والحمد لله وقفوا بجانبي وحثّوني أن أقدم شكوى وفعلت ذلك وهو الآن مازال يتحاكم خصوصاً بعدما تبين أنني لست الضحية الوحيدة.
وعن نفسي، فبدأت بالعلاج للتعافي من المخدرات وتحولت الى شخص أكثر حذراً ومسؤولية وأدركت أنه دائما علينا ألا نثق بأحد وألا تغرينا الكلمات المعسولة ونحول الخطأ الصغيرة الى مجموعة من الأخطاء".
وختمت:" بالحقيقة أنا فتاة محظوظة لأنني أملك عائلة داعمة وقفت الى جانبي حتى تعافيت ثم نصحتني وأدعو الجميع أن يكونوا أكثر وعياً وألا يتسرعوا كما فعلت وألا يستسلموا بل يرفعوا شكاوى ضد المبتزين لأنه حتماً ستتحقق العدالة، كما عليهم ألا يسمحوا لكلام الناس بأن يكسرهم.
وللأهل خصوصاً أدعوهم للوقوف الى جانب أبناءهم وألا يعتبروهم عاراً عليهم بل العار الحقيقي يقع على عاتق المبتزين!"