بأقلامهم >بأقلامهم
"صوتُ صفيرِ المحوّلي"
جنوبيات
تقولُ ﺍلأﺳﻄﻮﺭﺓُ إﻧّﻪ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ بلادِ العتمة ِﻭﺯﻳﺮُ ﻛﻬﺮﺑﺎﺀٍ ﻳﺤﻔﻆُ أﺑﻴﺎﺕَ ﺍﻟﺸّﻌﺮِ ﻣﻦ أﻭّﻝِ ﻣﺮّﺓٍ، ﻭﻟﺪﻳﻪِ ﻣﺪﻳﺮُ ﻣﻜﺘﺐٍ ﻳﺤﻔﻈُﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﺎﻧﻲ ﻣﺮّﺓٍ ﻭﻟﺪﻳﻪ ﺳﻜﺮﺗﻴﺮﺓٌ ﺗﺤﻔﻈُﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﺎﻟﺚِ ﻣﺮّﺓٍ. ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺸﺘﺮﻁُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮِ أن تكون ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓُ ﻣﻦ ﻗوله ليعطيَه ﺍﻟﻮﺯﻥَ ﺍﻟّﺬﻱ ﻛﺘﺒَﻪ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻛﻬﺮﺑﺎءٍ، أﻣّﺎ إﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻘﻮﻟﺔً ﻓﺴﻴﻀﺎﻋﻒُ ﺍﻟﺘّﻘﻨﻴﻦَ ﻓﻲ ﺣﺎﺭﺗِﻪ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀُ ﻳﺄﺗﻮﻥَ ﻭﻳﻠﻘﻮﻥ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪَ ﻭﻟﻜﻨّﻬﻢ ﻳﺘﻔﺎجأون ﺑﺄﻥّ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮَ ﺣﻔﻈَﻬﺎ ﻭﻳﻘﻮﻝُ ﻟﻤﺪﻳﺮِ
ﻣﻜﺘﺒِﻪ ﻓﻴُﻠﻘﻴﻬﺎ أﻳﻀًﺎ ﻭﺗﺄﺗﻲ ﺳﻜﺮﺗﻴﺮﺗُﻪ ﻭﺗﻘﻮﻝُ ﺍلأﺑﻴﺎﺕَ. ﻓﻴﺨﺮﺝُ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮُ ﺍﻟﻰ ﺑﻴﺘِﻪ ﻭﻳﻘﻀﻲ أﻭﻗﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻈّﻼﻡِ. حتّى ﺟﺎﺀَه في أﺣﺪِ ﺍلأﻳّﺎﻡِ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮُ "ﺍلأصمعيُّ" ﻭﻗﺪ ﺗﻨﻜّﺮَ ﺑﺰﻱِّ أﻋﺮﺍﺑﻲٍّ. ﻓﻘﺎﻝَ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮُ ﺗﺤﻔﻆُ ﺍﻟﺸّﺮﻭﻁَ؟
ﻓﻘﺎﻝَ : أﺣﻔﻈُﻬﺎ! ﻓﻘﺎﻝ : ﻛﻠّﻨﺎ آﺫﺍﻥٌ ﺻﺎﻏﻴﺔٌ.
ﻓﻘﺎﻝَ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮُ : ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓِ "ﺻﻮﺕُ ﺻﻔﻴﺮِ ﺍﻟﻤﺤﻮّﻟﻲ":
ﺻﻮﺕُ ﺻﻔﻴﺮِ ﺍﻟﻤﺤﻮّﻟﻲ...
ﺃﺗﻌﺐَ ﻗﻠﺒﻲَ ﺍﻟﻤﺒﺘﻠﻲ
ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺼﻞْ ﻟﻬﺎ...
ﺗﻴّﺎﺭٌ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﺧﻠﻲ
ﺍﻟﻤﺎﺀُ ﻭﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀُ معًا...
ﻣﻘﻄﻮﻋﺔٌ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻲ
ﺻﺪﻳﻘﻲ نتنتَ ﻟﻲ...
ﻳﺴﺄﻟُﻨﻲ ﻋﻤّﺎ ﻳﺤﺼﻠّﻲ
ﻓﺄﺟﺒﺘُﻪ ﻣﺴﺘﻐﺮبًا...
ﺃﻧﺎ ﺃﻳﻀًا ﻻ ﻋﻠﻢَ ﻟﻲ
ﺩﻋْﻨﻲ أَﻧﻈﺮَ ﻣﻦ ﺳﻄﺤِﻨﺎ ...
ﻫﻞ ﺑأﻭﺭﻭﺑﺎ ﻣﺸﺘﻌﻠﻲ
ﻓﺮﺃﻳﺘُﻬﺎ ﻣﻀﺎﺀﺓً ...
ﻭﻭﻫﺠُﻬﺎ ﻛﺎﻟﻤﺸﻌﻠﻲ
ﺗﻤﻨّﻴﺖُ ﺑﻬﺎ ﺳﺎﻛنًا...
ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﺘﻲ ﻭﻋﻤَﻠﻲ
ﺗﻜﻮّﻡُ ﻏﺴﻴﻞَ ﺑﻴﺘِﻨﺎ...
ﺣﺘﻰ ﻏﺪﺍ ﻛﺎﻟﺠﺒﻠﻲ
ﻟﻤﺎ ﺭﺃﺗْﻪ ﺯﻭجتي...
ﻓﺒﺪﺃَﺕ ﺑﺎﻟﻮﻟﻮَﻟﻲ
ﻓﻮﻟْﻮَﻟَﺖ ﻭﻭﻟﻮﻟَﺖ ...
ﻭَﻟﻲ ﻭَﻟﻲ ﻳﺎﻭﻳْﻠَﻠﻲ
ﻓﻘﻠْﺖُ ﻻ ﺗُﻮﻟﻮﻟﻲ...
ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥْ ﺗﺘﺤﻤّﻠﻲ
اِﻓﻌﻠﻲ ﻛﺠﺪّﺗﻲ...
ﻭﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻚ اﻏﺴﻠﻲ
ﻭﺇﻻّ ﺍﺣﺰﻣﻲ ﺛﻴﺎﺑَﻚ...
ﻭﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖِ أﻫﻠِﻚ ﺗﺤﻮّﻟﻲ
ﺃﻥ ﺗﺘﻌَﺒﻲ ﺧﻴﺮٌ ﻟﻨﺎ...
ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮَﺏِ ﻭﺍﻟﻘُﻤﻠّﻠﻲ
ﻭﻛﻲ ﺃﺧﻔﻒ ﺣﻤﻠَﻬﺎ...
ﺳﺎﻋﺪﺗُﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠلّلي
اِﺑﻨﻲ ﺷﻜﺎ ﺷﻜﻮﺍه ﻟﻲ...
ﺑﻀﻌﻔِﻪ ﺑﺎﻟﻤﻘﻠّﻠﻲ
ﻓﻼ ﻳﺒﺼﺮُ ﺩﺭﻭﺳَﻪ...
ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀِ ﺍﻟﻘﻨﺪﻳﻠَﻠّﻲ
ﻭﺍﻵﺧﺮُ ﺗﻌﺬﺭُ ﻟﻲ...
ﻋﻦ ﻓﺮﺍﺷِﻪ ﺍﻟﻤﺒﻠّﻠﻲ
ﺧﻮﻑُ ﺍﻟﻈّﻼﻡِ ﻣﻨﻌَﻪ...
ﺍﻟﻨﻬﻮﺽَ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﻠّﻲ
ﺣﻴﺎﺗُﻨﺎ ﺑﻼ ﻛﻬﺮﺑﺎ...
ﻣﻠﻞٌ ﻓﻲ ﻣﻠﻠﻲ
ﻓﻜﻢ ﺗﺮﺍﻧﻲ ﺣﺎﺋﺮًا...
ﻛﻲ أﺷﺤﻦُ ﻣﻮﺑﺎﻳﻠَﻠﻲ
أﺣﻤﻠُﻪ ﺩﻭﻣﺎً ﻣﻌﻲ...
ﻋﻠﻲ أﺣﻈﻰ ﺑﻤﻮﺻﻠﻲ
ﻓﺄﻃﻠﺐُ ﺃﻥْ أﺷﺤﻨﻪ...
ﻛﺎﻟﻤﺴﻜﻴﻦِ ﺍﻟﻤﺘﺴﻮّﻟﻲ
ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻝُ ﺑﻴﺘِﻨﺎ...
ﻭﺣﺎﻝُ ﺍﻟﻨّﺎﺱِ ﺣﻮَﻳْﻠﻠﻲ
ﻧﺸﻜﻮ ﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮَﻧﺎ...
ﻃﻤﻌًا ﺑﺎﻟﻔﺮﺝِ ﺍﻵﺟﻠﻲ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮُ ﺍﻷﻟﻤﻌﻲ...
ﺍﻟلبنانيُّ ﺍﻷﺻﻠﻠﻲ
ﺷﻜﻮﺕُ ﻫﻤّﻲ ﻫﺎﻫﻨا...
ﺑﻘﺼﻴﺪﺓٍ ﻣﻦ ﻋﻘﻠَﻠﻲ
ﺃﻗﻮﻝُ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻌِﻬﺎ...
ﺻﻮﺕُ ﺻﻔﻴﺮِ ﺍﻟﻤﺤﻮﻟﻠﻲ .
ﻭﻟﻜﻨّﻪ ﺗﻔﺎﺟﺄَ ﺑﺄﻥّ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮَ ﺣﻔﻈَﻬﺎ ﻭأﻣﺮَ ﺑﻘﻄﻊِ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀِ ﻋﻦ ﻣﺎ ﺗﺒﻘّﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻤدينةِ. يُقالُ إنّ الشّاعرَ المصدومَ تركَ نظم الشّعرِ وأصبحَ يسرحُ في الطّرقاتِ بحثًا عن بصيصِ نورٍ من كهرباء!
القاضي م جمال الحلو