لبنانيات >أخبار لبنانية
رياح تأليف الحكومة لم تجرِ كما تشتهي سفن الرئيس المكلّف.. والولادة غير سهلة
الأربعاء 5 02 2025 08:56جنوبيات
يبدو أن رياح التأليف لم تجرِ كما كانت تشتهي سفن الرئيس المكلف نواف سلام. فبينما كان يعتقد كثيرون أن الحكومة ستؤلف في غضون أيام لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة بفعل الالتفاف المحلي والإقليمي والدولي حول العهد الجديد، فان الرئيس سلام فوجئ بحبل طويل من العُقد، وفي كل مرة كان يعتقد فيها انه نجح في حلحلة عقدة، برزت له عقدة جديدة من حيث لا يحتسب، ولم يطل به الأمر حتى أدرك أن رحلة التأليف التي كان يعتقد انها مزروعة بالورد والرياحين، هي مليئة بالشوك والمطبات التي تعترض وصوله الى توليفة حكومية من صلب المعايير التي وضعها لنفسها في هذا الإطار.
بالأمس لم يُسجل أي جديد في ما خص الملف الحكومي، على الرغم من ان أجواء الـ48 ساعة الماضية أوحت بأن الولادة الحكومية ستكون اما اليوم أو غداً، غير ان المناخات التي سادت أمس عكست أجواء بأن لا شيء في متناول يد الرئيس المكلف، حتى انه لا يملك بعد مسودة تركيبة حكومية مكتملة.
وفي المعلومات ان الرئيس سلام بعد أن نجح في الوصول الى اتفاق مع «الثنائي الشيعي» حول حصتهما الحكومية، برزت عقد كثيرة دفعة واحدة مع أكثر من فريق بدءاً بالقوات اللبنانية ومروراً بالتغييريين وصولا الى الاعتراض السنّي فالتيار الوطني الحر الذي أعلن رئيسه جبران باسيل أمس انه أصبح لديه خوف من تعثّر عملية التأليف، في حين أعلن النائب غياث يزبك ان «القوّات» لن تشارك في الحكومة المرتقبة وستحجب الثّقة عنها إذا لم يتلقَّ الحزب التّوضيحات التّي يحتاجها لأنّه لا يريد المساهمة في غرق العهد منذ بدايته.
وحرد «التيار» واعتراض «القوات» انسحب في الساعات الماضية على الأرمن ، حيث رأى حزب الطاشناق في بيان أن شعار تفادي تحويل الحكومة إلى مجلس نيابي أو ملّي مصغّر لا يجوز أن يُترجم إلى إنزال أسماء وشخصيات لا تمتّ بصلة بالمجتمعات التي تمثّلها، وفرضها على تلك المجتمعات. كل هذه المواقف أرخت بظلال من السلبية على حركة الرئيس المكلف الذي على ما يبدو بات يفضّل العمل بصمت وبمقاربات مختلفة لتدوير الزوايا وعدم الارتطام بأي جدار مسدود يطيل أمد المراوحة.
وفي الوقت التي تتكاثر فيه المواقف الاعتراضية على طريقة التأليف سرت معلومات تفيد بأن واشنطن تعمل على إبعاد «حزب الله» عن التوليفة الحكومية، تارة بوضع فيتو على بعض الأسماء، وتارة بالعمل على منعه من الحصول على حقائب يرغب بتولّيها من قبل شخصيات يسمّيها، وإذا صحّت هذه المعلومة فهذا يعني أن أمد التأليف سيطول، وهذا بالطبع سيؤثر على عملية إعادة الاعمار، وإضعاف موقف لبنان أمام التحدّيات المقبلة لا سيما الموعد المحدد للانسحاب الإسرائيلي من القرى التي احتلتها مؤخرا، إضافة الى تراجع الحماسة الدولية والعربية لمساعدة لبنان.
وتؤكد مصادر سياسية ان لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو سترتسم من بعده معالم المرحلة المقبلة للمنطقة ومنها لبنان، وبسبب ذلك فانه من غير المتوقع أن نشهد ولادة الحكومة هذا الأسبوع كما يُشاع، إلّا في حال حصلت معطيات جديدة فرضت حصول ذلك.
وينتظر أن تنشط في الساعات المقبلة الاتصالات الرامية الى تفكيك ما تبقّى من عقد تعترض تشكيل الحكومة، ويفترض أن يرفع الرئيس المكلف في الساعات المقبلة من منسوب مشاوراته، لتذليل العقد الموجودة، وهو حاول قبل يومين ضخ معلومات إيجابية، والتأكيد بأن تشكيل الحكومة يتقدّم وفق الاتجاه الإصلاحي الإنقاذي الذي تعهد به بالتفاهم مع رئيس الجمهورية ووفق المعايير التي سبق أن أعلنها، وقد عكس بيان الرئيس سلام بأنه ما زال بحاجة الى بعض الوقت، لكي يتجنّب أي دعسة ناقصة يمكن أن تجعل حكومته «تقلع» ببطء وليس على المستوى التي تتطلبه التحدّيات والاستحقاقات الموجودة.
وترى المصادر السياسية أن «تكبير الحجر» عند القوى السياسية هو أمر معتاد عند أي استحقاق داخلي بهدف الحصول على مكتسبات معينة، وفي نهاية المطاف الأمور «بدو يمشي البلد»، لافتة رئيس وزراء قطر محمد بن جاسم آل ثاني الذي جال على المسؤولين أمس حثّهم على ضرورة تأليف الحكومة بسرعة للبدء بإعادة اعمار ما دمّرته إسرائيل من جهة، والقيام بإصلاحات للحصول على المساعدات التي وعد لبنان بها من قبل المجتمع الدولي.