عام >عام
"القطبة المخفية" في معركة مخيم عين الحلوة المفروضة!
لماذا وضع بلال بدر شروطاً وعاد عنها بعد تفكيك "إمارة الزواريب" وتحويله طريداً؟
"القطبة المخفية" في معركة مخيم عين الحلوة المفروضة! ‎الخميس 20 04 2017 05:21
"القطبة المخفية" في معركة مخيم عين الحلوة المفروضة!
منطقة الطيري المنكوبة في مخيم عين الحلوة

هيثم زعيتر

كثرت التساؤلات عن "القطبة المخفية" في جولة الاشتباكات التي شهدها مخيم عين الحلوة، بدءاً من مساء الجمعة (7 نيسان 2017) وحتى الأربعاء (12 منه) حاصدة 9 ضحايا و43 جريحاً، وموقعة خسائر مادية جسيمة في الممتلكات من منازل ومحال وسيارات، مع ما رافق ذلك من نزوح وترددات تجاوزت حدود المخيم إلى مدينة صيدا والجوار.

هناك "قطبة مخفية" بين تعمد الناشط الإسلامي بلال بدر استهداف "القوة الفلسطينية المشتركة"، لحظة محاولة تموضعها في النقطة الثالثة عند المدخل الفوقاني لسوق الخضار، وأيضاً القرارات السياسية التي صدرت، والذي استوجب كل منها اجتماعاً جديداً لتدوير الزوايا، بطرح جديد، وصولاً إلى وقف إطلاق النار وإعلان تفكيك "مجموعة بدر الشاذة" والغريبة بظاهرتها عن تركيبة المخيم واعتباره طريداً مطلوباً توقيفه لـ"القوة المشتركة".

وفي محاولة للوقوف على حقيقة الأمر، مما سبق اعتداء بدر، وخلال المعارك الدامية، وصولاً إلى وقف إطلاق النار، ما يخشى حدوثه لاحقاً، بحاجة إلى استعراض ذلك، من جوانبه المختلفة، ومن مشهد يتيح الرؤية بوضوح، كما حاول بلال إطلاق طائرة تصوير فوق مواقع الجيش في جبل الحليب، جرى اسقاطها.

لكن حقيقة جولة الاشتباكات الأعنف التي شهدتها "عاصمة العودة" إلى فلسطين منذ سنوات، أفرزت خشية من تضاعفات مستقبلية، قد تؤدي إلى توتير الأجواء مجدداً، على الرغم من الهدوء ووقف إطلاق النار، وسحب المسلحين من الشوارع والأزقة.

ومرد هذه الخشية، جملة من الأسباب، جعلت "الجمر تحت الرماد"، بأنه لم تتم معالجة جذور المشاكل المتراكمة منذ سنوات، والتي أثقل كاهلها بمشاكل جديدة متعددة.

لملم أبناء المخيم جراح آلامهم لضريبة دفعوها في معركة مفروضة، لمن ينفذ مشروعاً بإسم الدفاع عن الدين، وهو منه براء، ويهدف إلى ضرب الحالة الإسلامية، وتشويه صورتها، وهو "الدخيل" و"المدفوش" إليها، بما يخدم المشروع الصهيوني عبر "أجندات" خارجية مولت وغطت المعركة، باهظة الكلفة، حتى من آزر، هو من مجموعات لا يحبون بعضهم بعضاً، لكن جمعتهم المصيبة، على الرغم من أن كلاً منهم يغني على ليلاه، وهناك مطبات وملاحظات شرعية حول أداء غالبيتهم.

الأيدي التي عبثت بأمن المخيم بهدف استخدامه "صندوق بريد"، عبّر عنه متابعون بالاتصالات التي جرت، والتي تكشف بعضها، دون تسمية المسميات بأسمائها، لأن ذلك يفتح جراحاً، وكمن يبلع "الموس" الحاد، الذي يجرح، لكن سيأتي الوقت الذي يتم فيه ذكر ذلك بالتفاصيل، لجهة من كان يغطي سياسياً ومالياً، ويزوّد بالسلاح والعتاد، ويرفد بالعديد لتأجيج المعركة، بعدما وضع بدر "بوز مدفع"، وهو ما أدى إلى نكبة جديدة في منطقة حيّ "الطيري"، المنطقة "المخطوفة" بتسميتها من حيّ "السميرية"، الذي يقيم فيها أهلها قبل وصول عائلة ضرار بدر (والد بلال) والاقامة فيها لدى أقاربه.

هذا المشهد المؤلم للدمار، كان صورة مصغرة لما جرى في مخيم نهر البارد، يوم اختطفت مجموعة "فتح الإسلام" بقيادة شاكر العبسي المخيم في أيّار 2006، وما جرى لاحقاً في مخيم اليرموك في سوريا.

وهو ما يُؤكّد أن مشروع تدمير مخيم عين الحلوة قد وضع قيد التنفيذ، ويجد أدوات تساهم بذلك تحت عناوين ومسميات، ورفع شعارات متعددة، أكانوا يدرون ما تقترف أيديهم أم لا!

وفي المقابل، هناك من هم غيورون من أبناء المخيم، يعلمون علم اليقين أبعاد المخططات، ويرفضون الانغماس في "طواحين المعركة"، ويرفضون تجدد الاشتباكات، ويهدفون إلى منع الدمار وتهجير أبناء المخيم.

لكن إذا لم تتم معالجة أسباب وجوهر ما وصلنا إليه، والحسم بتحجيم الظواهر، وحالات التفلت، وتأكيد الإجماع الفلسطيني بشكل عملاني، وليس اقتصار الأمر على مواقف داخل الاجتماعات أو عبر الوسائل الإعلامية، فإن الأمور قد تفلت من أيدي العقلاء.

وهنا يجب التوقف ملياً عند موقف صيدا الداعم للإجماع الفلسطيني على "القوة المشتركة"، لحفظ الأمن والاستقرار في المخيم.

خرق الحالة الإسلامية

لعل أبلغ تعبير عمّا جرى هو ما عبّر عنه إمام "مسجد القدس" في صيدا الشيخ ماهر حمود، الذي خرجت من منزله مبادرة لحل ما يجري، حين اعتبر أن "هناك جهات فلسطينية وإقليمية تدعم بدر، ولن ندخل في الأسماء الآن، وهناك من لم يكن صادقاً في الاتفاق، وإذا سمينا المعرقلين، سيكون هناك عرقلة جديدة، وهناك من لا يريد القضاء على هذه الظاهرة، لأسباب معينة".

فيما رئيس "الحركة الإسلامية المجاهدة" الشيخ جمال خطاب ردد بأن "هناك أناس تخرقنا كحالة إسلامية، وبإسم الإسلام تحاول أن تعمل لكي تنحر الإسلام، وإذا استمرت "الحمير" بالقيادة في المخيم، سينتهي، ونحن الآن في اللحظات الأخيرة".

بينما سرعان ما ظهر التباين في قرارات القيادة السياسية الوطنية والإسلامية الفلسطينية، التي أمهلت بدر ومجموعته حتى السادسة من مساء الأحد (9 نيسان) لتسليم أنفسهم إلى "القوة الفلسطينية المشتركة" وإلا سيبقى مطارداً بإعتباره مطلوباً لها.

بينما في الاجتماع الذي عقد (11 منه)، تم اعتبار بدر مطارداً ومطلوباً لـ"القوة" ومطلوب اعتقاله حيثما وجد.

هذا يشير إلى أن بدر ما زال طريداً ومطلوباً - أي أن محاولات توقيفه قد تؤدي إلى اشكالات أو اشتباكات مجدداً.

لكن لماذا لم يتم تسليم مطلقي النار لحظة انتشار "القوة المشتركة" في سوق الخضار؟

المعركة التي إستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والمتوسطة وقذائف الهاون والـ"أر.بي.جي"، والـ"أس.بي 9" والقنابل اليدوية والقنص، تطرح تساؤلاً؟

كيف يمكن لمن لا يملك قوت عياله، حصوله على كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد والوجبات الغذائية الجاهزة الساخنة، بينما هناك من هجر من منزله وإفترش الأرض والتحف السماء، فيما كان يحلم بالعودة إلى فلسطين، وإذ به يحلم بالعودة إلى منزله في المخيم، الذي وجده مدمراً أو متضرراً، بعد تم بناؤه "لبنة لبنة" بجهد آباء كدّوا بما تيسر لهم من عمل متاح، أو أبناء توزعوا على أصقاع المعمورة للعمل، وإعانة الأهل على ضنك الحياة.

وهناك العديد من "الألغاز" التي ترافقت مع الاشتباكات الأخيرة، خاصة لجهة من "تخاذل" في مؤازرة "القوة المشتركة"، أو تعمد مدّ بدر بالسلاح والعتاد، ومن تحت الطاولة، والبعض تلطى خلفه، وأطلق النار، خاصة بعد الهجوم الأول التي شنته "قوات النخبة" في "قوات الأمن الوطني الفلسطيني"، التي استطاعت أن تصل إلى منزل بلال بدر الجديد، حيث تراجع بعد اصابته في جبينه إلى منطقة الرأس الأحمر، التي شهدت وصول تعزيزات لإسلاميين آزروه في المعركة، حيث تشكل تلك المنطقة، وصولاً إلى الصفصاف والنبعة وطيطبا وعكبرة، معقلاً إسلامياً، وإن تباينت وجهات النظر العقائدية في أكثر من مكان.

وكذلك من حال دون تنفيذ الهجومات المقررة لـ"القوة المشتركة" وقوات "الأمن الوطني الفلسطيني" ومن يؤازرهم، أكان ذلك يوم الأحد أو فجر الثلاثاء، ومن تغاضى عن مرور مسلحين من داخل المخيم، انتقلوا من منطقة إلى أخرى لمساندة بدر.

هذه هي العوامل الرئيسية التي أطالت في عمر المعركة ولم تحسمها سريعاً.

من قال: إن أبناء المخيم الذين قدموا الشهداء وناضلوا من أجل الحفاظ على أمن واستقرار "عاصمة الشتات" والمخيمات الفلسطينية، وتمسكاً بحق العودة، يرتضون أن يكونوا وقوداً لـ"إمارة الزواريب" في المخيم، لتحاكي تجارب "داعش"، وغيرها، بعدما خُطف حيّ الطيري وجواره واستخدم "بالون اختبار" في توقيت وظروف دقيقة بترددات ما يجري من أحداث في سوريا.

ورفض كثر تمدد الاشتباكات إلى أحيائهم، وكذلك رفضوا استقبال بلال بدر، بعدما تحول عبئاً كبيراً.

وأيضاً هناك من نجح في منع انتقال ترددات الاشتباكات إلى مناطقه، خاصة جنوبي المخيم، حيث كانت المؤازرة من أبناء بلدات: لوبية، حطين، نمرين وعرب الغوير، لإطفاء نيران الحرائق قبل وصولها إليهم، وهو ما جرى تعميمه في مناطق متعددة من المخيم.

لكن الضريبة المرتفعة التي دفعها أبناء المخيم يجب أن لا تمر مرور الكرام، خاصة أن من رفع شعارات الدفاع عن حقوق الأهالي وتأمين التعويضات لهم عن اشتباكات سابقة، زاد الأعباء مجدداً، دون أن يحقق أي مطلب مما أبلغه إلى الموفدين إليه.

ماذا حقق بدر؟!

وهنا السؤال، الذي يوجه إلى بلال بدر، ماذا حقق، وماذا استفاد؟

- رفع السقف محذراً ومهدداً "القوة المشتركة" من انتشارها في مقر "الصاعقة" سابقاً، عند المدخل الفوقاني لسوق الخضار، وطالباً 100 ألف دولار تعويضات، و10 آلاف دولار مخصصات شهرية للسماح لـ"القوة" بالانتشار، وخفض المبلغ إلى 30 ألف دولار تعويضات و5 آلاف دولار مخصصات شهرية، متبعاً حسومات نهاية فصل الشتاء.

ولدى اجتماعه مع هيثم الشعبي وجمال حمد، أثناء انتشار "القوة المشتركة" بعد ظهر الجمعة (7 نيسان)، لم يتعظ للنصيحة وتمسك برأيه، بل أعطى التعليمات لعناصره بإطلاق النار باتجاه "القوة المشتركة" لحظة مرورها في سوق الخضار، فأصيب موسي الخربيطي أمام "موقف بليبل"، حيث كان يعتقد بأن سكنه بالقرب من منزل بدر في حيّ الطيري، سيحول دون استهدافه، وهو الذي بقي ينزف لأكثر من 3 ساعات دون التمكن من مساعدته، على الرغم من أن هاتفه بقي مفتوحاً، لكن غزارة النيران أدت إلى مفارقته الحياة.

- كان يعتقد أن إطلاق النار بإتجاه "القوة المشتركة" سيمنع انتشارها، وأيضاً سيتم التفاوض معه، وتتوقف الأمور، ويذهب من أصيب ضحية التوافق، وتتم معالجة الأمور بالتراضي، وفتح صفحة جديدة، ولم يحسب حساباً أن هذه المرة ليست كسابقاتها، وهو ما جرى.

- رفض الانتشار ووضع شروطاً، لكن بعد 6 أيام من الاشتباكات العنيفة والخسائر الجسدية والمادية، انتشرت "القوة" ليس في الأماكن المحددة لها سابقاً فقط، بل أمام منزل بدر وعائلته في حيّ الطيري.

- جرى تفكّيك مربع إمارة بلال، وأصبح طريداً، وعناصره ملاحقون من "القوة المشتركة" وهو ما يوحي بإحتمالات تجدد إطلاق النار إذا ما شوهد يتجول بشكل طبيعي أو متنكراً، خاصة أنه على تخوم منطقة تواجده السابق، بعد رفض أكثر من لجان أحياء استقباله، وهو ما تم إبلاغه إلى ناشطين إسلاميين يتواجدون فيها.

- ارتفع عدد المطلوبين ومطلقي النار وأصبحوا مطاردين.

- أصيب بجراح، وتأجل حفل زفافه من قريبته براء حجير، الذي كان مقرراً (15 نيسان).

- استخدم واجهة لمشاريع ورسائل أخرى، وكُثر تنصلوا  منه وعلاقتهم به، منتقدين أسلوبه، وبأنه أخطأ، ولم يتعظ، ولم يستجب للنصيحة، حتى من كان قد مده بالمال والعتاد قبل المعركة.

- بات يُشكّل خطورة على أكثر من شخص وطرف وقوة، كانت على تواصل معه، ونفذ لها بعض المهام، وهذا ما حال دون تسليمه إلى "القوة المشتركة" أو الدولة اللبنانية، أو حتى موافقة أطراف فلسطينية على أن يكون في "إقامة جبرية" لديها، على غرار ما جرى مع حالات سابقة، بما يؤدي لاحقاً إلى المطالبة بتسليمه إلى السلطات اللبنانية، وهذا يرجح إحتمال تصفية بلال بدر لدفن "صندوق أسراره"، معه، وإن كان الكثير من علاقاته وارتباطاته وسُبل تمويله والمهام التي نفذها، ستتكشف من خلال جهاز "اللابتوب" الخاص به (الصندوق الأسود) الذي استولى عليه عناصر حركة "فتح" لدى دخولهم إلى منزله الجديد في البستان، حيث صادروا أيضاً DV-R يسجل حركة الزوار، وأيضاً الاستيلاء على DV-R آخر لدى حجير، حيث سيتبين من كان ينقل أكياساً لأسلحة وذخائر ومتفجرات، وأيضاً يزود بالمال، ويُكلف أو يُكلَف بمهام.

لكن من أمّن السلاح قبل أيام، والوجبات الجاهزة الساخنة والدسمة خلال المعارك، استخدم بلال واجهة، لأن قوة النيران وتوزعها لم تكن فقط من قبل 40 عنصراً يأتمرون بإمرته، بل كان هناك من يتلطى خلفه.

ما الذي تغيّر بين الاعتراض والاشتراط والموافقة، إلاّ تنفيذ المخطط بالتدمير، وتوجيه رسالة إلى من يعنيهم الأمر بالجهوزية، حتى لو كانت الخسائر والأضرار تصل إلى الأهل والجيران؟!

بين الاعلان وعدم الإلتزام

في المقابل، فإن القيادة السياسية للفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية، التي اتخذت قراراً بنشر "القوة المشتركة" ووافقت على تحديد "ساعة الصفر"، سرعان ما ظهر التباين بين بعض أطرافها، لجهة ازدواجية التعاطي بعد استهداف بدر "القوة"، حيث أصدروا مواقف إعلامية، تؤكد الاستمرار في دعم "القوة" بتنفيذ مهمتها، لكن لم يلتزم العناصر المفرزة من بعض هذه الفصائل إلى "القوة المشتركة" القيام بواجبهم بالرد على إطلاق النار، فعادوا إلى مقراتهم، فيما استقر الأمر على المواجهة بين بعض أفراد "القوة"، وفصائل قلّة من المشاركة فيها مدعومة من "قوات الأمن الوطني" في "منظمة التحرير الفلسطينية"، لأن هناك من كان يرى في الحسم مكتسباً تحققه "فتح"، ويراهن على أن المعركة ستنتهي سريعاً بوقف إطلاق النار، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً.

وحتى سقف القرارات الذي اتخذته القيادة السياسية الفلسطينية، تعرض إلى تغيير بين إصرار على توقيف بدر، والموافقة على تفكيك حالته واعتباره مطارداً.

وأسباب ذلك هي أن البعض كان يعلن أشياءً في العلن، ويعمل غير ذلك في الخفاء، وهو ما أثر على سير المعركة، حتى وصل الأمر بالبعض للقول: "إن "فتح" لم تحسم المعركة، وطال أمدها"، وكأن إطلاق النار من قبل "مجموعة بدر" كان ضد مجموعة حركة "فتح" وليس "القوة المشتركة" المؤلفة من 100 بين ضابط وعنصر يمثلون 19 فصيلاً في "منظمة التحرير الفلسطينية"، "تحالف القوى الفلسطينية"، "القوى الإسلامية" و"أنصار الله"، لتبقى "فتح" وقلة من الفصائل في المعركة، فيما الآخرون تهاونوا بالدفاع عما تضمنه "ميثاق الشرف الفلسطيني" وثوابت الوحدة الداخلية، التي أبقاها البعض حبراً على ورق، وخير دليل على أن بداية المعركة لم تكن مع حركة "فتح"، بل إن من استشهد يوم الجمعة، هو خربيطي، من "حزب الشعب"، الذي فرزه إلى "القوة المشتركةً.

ومع تقدّم المعارك وبروز المبادرات، وصلت مجموعة من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" للمشاركة في المعركة لتؤازر "فتح" و"الجبهة الديمقراطية" القوتين الأبرز في المواجهات، حيث وصف وصول مجموعات "القيادة العامة" بأنه سلاح ذو حدين، فهو لمؤازرة "القوة المشتركة"، فيما البعض استغله بأنه مشروع لمواجهة الإسلاميين في المخيم، على غرار ما جرى في مخيم اليرموك، وقد عُزف على هذا الوتر بتجييش الغرائز لدى بعض الإسلاميين.

كما أن التباين برز في عدم التنسيق بين الجهود والاتصالات السياسية، وما كان يجري على أرض الواقع، ما أحدث إرباكاً، انعكس في ضبابية الموقف الإعلامي، وعدم وضوح الرؤية لحقيقة ما يجري، وهو ما استغله بعض "الماكرين" بإطلاق إشاعات و"فبركة" أخبار وتصاريح، جرى نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأحدثت إرباكاً كبيراً.

قطوع.. واتعاظ من التجربة

قطوع مرّ كان يأمل الكثيرون، فلسطينياً ولبنانياً، أن يكون "وجع ساعة وليس كل ساعة" بإستئصال حالة إرهابية تمكنت من خطف المخيم وارتكاب جرائم، اغتيالاً وتفجيراً، وتحمل الجميع، وبعضهم على مضض إطالة أمد الاشتباكات، واتساع تشظياتها لتصل إلى مدينة صيدا، الفيلات، المية ومية، سيروب، الفوار وحارة صيدا، فضلاً عن شلّ الحركة التجارية في "عاصمة الجنوب" وتعطل الدوائر في السراي الحكومي، وتعطل الدراسة، حيث فضل البعض التبكير بمنح عطلة الربيع للتلامذة، وأيضاً اضطرار بعض أهالي المرضى نقلهم من "مستشفى صيدا الحكومي" إلى مستشفيات أخرى، ناهيك عن قطع الطريق للجهة الغربية للمخيم من وإلى الجنوب، وما يعني ذلك من التأثير على حياة الجنوبيين واضطرارهم وقوافل "اليونفيل" إلى سلوك الطريق البحري في حركة عبورهم.

الواقع المؤلم استدعى حراكاً سياسياً، توّج بالتوصل إلى اتفاق رعاه إمام "مسجد القدس" في صيدا الشيخ ماهر حمود، واستوجب اتصالات مكثفة واجتماعات من أجل التأكيد على جدية تنفيذه، ترافق مع حراك شهدته المدينة عبر زيارة وزير الدفاع يعقوب الصرّاف، الذي التقى النائب بهية الحريري، أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد والدكتور عبد الرحمن البزري.

وكذلك زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى مدينة صيدا لتفقد وحداته.

وأودت الاشتباكات بحياة 9 ضحايا وحوالى 43 جريحاً، وأضرار مادية جسيمة في الممتلكات والمنازل والمحال التجارية ومحتوياتها وأثاثها، فضلاً عن السيّارات، وبعضها تعتبر مصدر الرزق الوحيد لمالكيها.

لقد أحصي تدمير كلي لحوالى 60 منزلاً و15 محلاً، وتضرر جزئي لـ180 منزلاً و35 محلاً، واحتراق 43 منزلاً ومحلاً تجارياً.

في ضوء المأساة هناك حاجة إلى خطة إنمائية إنقاذية سريعة، وإعلان المنطقة منكوبة، وضرورة تشكيل لجان مشتركة من الدولة اللبنانية، القيادة السياسية للفصائل والقوى الفلسطينيية الوطنية والإسلامية، "الأونروا"، اللجان الشعبية، لجان الأحياء والقواطع والجمعيات والهيئات المحلية والدولية، تكون مهمتها:

- إنجاز مسح شامل للأضرار والخسائر، مع التنبه من دخول سماسرة الظروف الطارئة في المشاريع الإنمائية والترميمية وأثناء التعويضات.

- التنسيق بين فرق الاغاثة، منعاً للتكرار، أو ضماناً لوصول المساعدات إلى مستحقيها حتى لا يستغل البعض المعاناة المأساوية للمواطنين.

- تأمين أماكن إيواء لمن هدمت منازلهم، أو بحاجة إلى ترميم وتستغرق فترة طويلة، علماً بأن بعض الخيرين قاموا بفتح بيوت يمتلكونها غير مشغولة، للمنكوبين.

- الإسراع بالتعويض على أصحاب السيّارات.

- إصلاح شبكات الكهرباء بما في ذلك الاشتراكات، ومساعدة أصحاب المولدات على تأمين بدائل للمولدات التي تضررت، وكذلك خطوط الاتصالات الهاتفية، وأيضاً خطوط المياه والخزانات التي تضررت.

- تعويض الطلاب عن الدروس التي خسروها خلال فترة الاشتباكات.

لا شك أن حجم الخسائر كبيرة، وقد تستغرق عملية الإصلاح وإعادة التأهيل وقتاً طويلاً، في ظل خشية البعض من تجدد الاشتباكات، خاصة أن هناك من دفع الضريبة في مناطق أخرى لجهة البركسات والصفصاف، وعاد ليدفع الضريبة مجدداً، بعدما انتقل إلى المدخل الفوقاني لسوق الخضار.

تبرز أسماء ويذهب أشخاص، ويتغير التموضع، لكن الأهم أن يبقى الأمن والاستقرار، واستمرار التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم مع اقتراب ذكرى نكبتهم قبل 69 عاماً، وأن لا يصابوا بنكبات ونكسات جديدة؟؟

 

 

بلال بدر

 

 

 

المصدر : اللواء