عام >عام
وثائق إسرائيلية تُكشف عن قرار بعدم دخول الأقصى و"حائط البراق
قبل 50 عاماً على الإحتلال الإسرائيلي لأوّل عاصمة عربية
وثائق إسرائيلية تُكشف عن قرار بعدم دخول الأقصى و"حائط البراق ‎الاثنين 5 06 2017 08:26
وثائق إسرائيلية تُكشف عن قرار بعدم دخول الأقصى و"حائط البراق

هيثم زعيتر

50 عاماً على احتلال العدو الإسرائيلي لأوّل عاصمة عربية في حزيران 1967..
35 عاماً على غزو لبنان في حزيران 1982..
69 عاماً على نكبة فلسطين في أيار 1948..
القاسم المشترك بين كل محطات هذه الإعتداءات، هو الإحتلال الإسرائيلي، الذي مارس أبشع الجرائم والمجازر بحق الفلسطينيين واللبنانيين والعرب وما زال، بهدف تحقيق الحلم الصهيوني بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، بعد إنشاء الكيان الإسرائيلي، بعدما تمَّ تقسيم فلسطين وفقاً للقرار الدولي 181 الصادر بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947، الذي قَبِلَ به الإحتلال ورفضه الفلسطينيون والعرب، فأُقيم الكيان الإسرائيلي، دون إقامة دولة فلسطينية، وذلك على حدود أشمل من حدود الرابع من حزيران  1967، حيث أطبق الإحتلال على ما تبقّى من أراضٍ فلسطينية احتلّها في العام 1948، ودون أنْ يحدّد حدود كيانه المزعوم أو يعترف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، كما اعترفت بها "الأمم المتحدة".
فالإحتلال يعتبر أنّ القدس الشرقية يجب أنْ تكون موحّدة مع الغربية، عاصمة للدولة اليهودية، وأنّ الضفة الغربية هي "يهودا والسامرة"، وهذا هو مخطّط المشروع الصهيوني الذي حوّل العصابات الإجرامية الصهيونية إلى جيش أوجد له دولة في العام 1948.
وعلى الرغم من كل قرارات الشرعية الدولية، إلا أنّ الإحتلال ما زال ينكث بالإتفاقات ويرفض تنفيذها، خاصة مع حكومة اليمين المتطرّف برئاسة بنيامين نتنياهو، التي ما زالت تضرب بعرض الحائط كل القرارات، وأفشلت كل المحاولات الجادّة لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة يُنهي الصراع العربي – الإسرائيلي.
تمر الذكرى هذا العام، مع وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، حيث سيحتفل هناك للمرّة الأولى بعد أيام (14 حزيران) بعيد ميلاده الـ71، وسط ترقّب لما سيُطلِقه في المرحلة المقبلة من رؤية للعمل في الشرق الأوسط، وتحقيق "صفقة" لحلم راوده، عن صعوبة حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وهو ما عجز عنه 12 رئيساً أميركياً (منذ نكبة فلسطين)، حيث يطمح إلى أنْ يتميّز عنهم بحل هذه القضية المعقّدة، وإنْ كان ذلك في وقت ترتفع حدّة  الاختلاف الفلسطيني – الإسرائيلي على مستوى القيادة السياسية وأيضاً على المستوى الشعبي.
ووصل الأمر بنتنياهو إلى التجرؤ على ما لم يتجرّأ عليه غيره من المسؤولين الإسرائيليين، بحيث أقدم (28 أيار 2017) على عقد جلسة خاصة لحكومته في نفق أسفل "حائط البراق" في القدس المحتلة الذي يُطلِق عليه الإسرائيليون "حائط المبكى" قبل أنْ يجول في المكان مع مسؤولين وحاخامات، احتفاءً بما أسماه نتنياهو تحرير القدس وإعادة توحيدها، وتأكيد أنّ ""ساحة البراق" القلب النابض لأشواق الشعب اليهودي، الذي عاد بعد آلاف السنين لبناء عاصمته الموحّدة فيها".
وكذلك المصادقة على قرارات بما يمكن أنْ يعزّز مكانة القدس، وزيادة الميزانيات المخصّصة للخطة الخماسية لتطويرها، وتنفيذ مشروع سياحي بإقامة قطار هوائي من محيط محطة القطار القديمة إلى باب المغاربة، وتطوير البلدة القديمة على مستويات عدّة، من حيث تقديم الخدمات الطبية والتعليمية وغيرهما.
أراد نتنياهو أنْ يثبت من خلال قوّته العسكرية ما هو مناقض للحقيقة، بأنّ المدينة المقدّسة وقف إسلامي خالص لا علاقة لليهود بها، و"حائط البراق" و"ساحة البراق" و"حارة المغاربة" هي أوقاف إسلامية فلسطينية، وستعود إلى الفلسطينيين مهما طال أمد الإحتلال.
لكن نتنياهو الذي ينحو مع حكومته نحو أقصى التطرّف، ما كان ليجرؤ على مثل هذه الخطوة لو وجد موقفاً عربياً - إسلامياً موحّداً يمكن أنْ يُشكّل ضغطاً على المجتمع الدولي، لعدم الإمعان في سياسة القتل والتنكيل بحق الفلسطينيين، واعتقال أبناء الشعب الفلسطيني، وتمديد الإعتقال لمَنْ انتهت محكومياتهم، أو ممارسة سياسة الإبعاد، فضلاً عن هدم المنازل ومصادرة الأراضي وممتلكات الفلسطينيين، والتوغّل في بناء المستوطنات، وكلها أساليب غير قانونية.
وجاءت خطوة نتنياهو هذه بعد زيارة الرئيس ترامب إلى "حائط البراق" (22 أيار 2017)، واعتباره "حائط المبكى" جزءاً من الموروث اليهودي وليس المسجد الأقصى، على الرغم من عدم اصطحابه مسؤولين إسرائيليين في زيارته.
وإذا كان ترامب قد وقّع قرار تأجيل نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس لمدّة 6 أشهر (1 حزيران الجاري)، خلافاً لما وعد به في برنامجه الإنتخابي، فلا يعني ذلك إلغاء القرار المتخذ منذ العام 1995، والذي اعتمد الرؤساء الأميركيون على تأجيله.
وفي فريق الرئيس الأميركي هناك انحياز واضح للكيان الإسرائيلي، فصهره جارد كوشنر، وكذلك سفيره لدى الكيان الإسرائيلي ديفيد فريدمان، هما من أشد الداعمين للمستوطنات الصهيونية.
وأي خطوة أو مبادرة، لا شك في أنّها تنطلق من المصلحة الأميركية، خاصة وسط العمل للإنفتاح على العالم العربي والإسلامي لمصالح متعدّدة.
 ما أقدم عليه نتنياهو، لم يتجرّأ عليه أي من المسؤولين الإسرائيليين، خاصة أنّ احتلال القدس قبل 50 عاماً، جاء بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزّة وصحراء سيناء في حزيران 1967، ولم يكن مخطّطاً الدخول إلى المسجد الأقصى و"حائط البراق"، وهو ما تثبته وثائق المشاورات على المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين التي سبقت العدوان، والذي سمح بنشر أجزاء منها، حيث طغى قرار الجانب العسكري على الجانب السياسي، حين دعا رئيس الحكومة - آنذاك - ليفي أشكول إلى عدم الإقدام على الحرب، لأنّ "النتائج حتى لو تم تحقيق فوز على الخصم، فنحن ملزمون بأنْ نُسرِع في إعادة بناء قوتنا"، وهو ما لاقى اعتراضاً من وزير الحرب موشيه ديان، ورئيس الأركان إسحاق رابين، وقائد سلاح الجو دغاي هود والجنرال آرييل شارون، الذين ضغطوا من أجل القيام بالعدوان فوراً، ووصل الأمر بشارون أنْ اقترح على القيادة العسكرية، حبس الوزراء وعدم إطلاق سراحهم إلاَّ بعد انتهاء العمليات".
وعند الساعة 6:15 من مساء 7 حزيران 1967، أبلغ ديان جيش الإحتلال الاستعداد لدخول بلدة القدس القديمة، مع عدم الدخول إلى المسجد الأقصى و"حائط البراق"، لكن عند العاشرة مساءً وصلت برقية تؤكد أنّ قوّات الإحتلال سيطرت على المسجد الأقصى وهي قرب "حائط المبكى".
احتلال منذ نصف قرن أطبق على ما تبقّى من أراضٍ فلسطينية احتُلّت من قبل 69 عاماً، حيث ما زال الشعب الفلسطيني يقبع تحت نير أطول فترة احتلال وتشتيت في العالم، الذي لم ينصفه بعد، على الرغم مما قدّم من تضحيات ونضال مع الشرفاء، وإصرار على استعادة حقه السليب.. فكم ستُحصى من سنوات بعد لتحقيق الحلم الفلسطيني بالدولة والعودة؟!

المصدر : اللواء