‫قُضي الأمر! لا مقعداً وزارياً يؤول إلى النواب السُنّة المنتخبين من خارجِ تيّار المستقبل. المصير عينه قد يواجههُ الرّئيس الأسبق للحكومة نجيب ميقاتي، الذي يبدو أن لا مقعد خصصَ لأحد المحسوبين عليه ايضاً. معني ذلك أنّ الرّئيس المُكلّف سعد الحريري مقبل على أيام صعبة وهو في طور ِ الإفتقاد إلى التغطية السّنية في مجلسِ النواب.‬

‫منّى النّواب السنة الذين انضوى بعضهم ضمن تكتل مؤلف من ٦ نوّاب، النفس أن يرد لهم الرّئيس الحريري التحية بعد أن قرر الجزء الأكبر منهم تسميته لتشكيل الحكومة خلال الإستشارات النيابيّة غير الملزمة، على قاعدة أن ما مضى قد مضى، والمصلحة العامّة تقتضي تخطي تراكمات مرحلة الإنتخابات وفتح صفحة جديدة، لكن ماذا فعل الرّئيس الحريري؟ قابلهم بتجاهل دورهم وحضورهم ووجودهم على قاعدة أن هؤلاء ليسوا فريقاً واحداً بل موزعين على أكثر من كتلة، لذا هو غير معني بتوزيرهم، سبب تصفهُ أوساط هؤلاء النّواب بـ"الهرطقة".‬

‫حتى أنّ حلفاء النّواب السّنة لم يكونوا أقل قسوة من الرّئيسِ الحريري. مصادر النّواب السّنة تُقابل بكثير من الإمتعاضِ خطوات التعامل معهم من قبلِ الحلفاء. ثمّة اتهام يدور حول أن "حلفائنا لم يكونوا بموقع المحاربين دعماً لحصتنا" علماً، أن النّواب السّنة يعتبرون أنفسهم خط دفاع أول عن الحلفاء بخاصّة حزب الله وحركة أمل الذين يجب أن ينظرا إلى تكتل النّواب على أنه قوة عظيمة وليسَ فرقة صورية!‬

‫تؤكّد أوساط الوزير السّابق فيصل كرامي، أن أحداً لم يُفاتحه بمسألة توزيره رغمَ أنَّ صوته كان صادحاً في مجال المطالبة بالمقعد، ليس بالضروري له بل لأحد أعضاء اللّقاء. يقابلُ ذلك نفس الشّعور لدى النّائب جهاد الصمد صاحب اللسان الحاد الذي ما انفكَ ينتقدُ كل من ينكرُ حق النّواب السّنة المستقلين بالتمثيل. ولقد اعتبرَ في أحدِ اللقاءات أن توزيرهم "ليسَ ملك بيّ أحد"، ووزن هذه العبارة يجر انطباعاً أن الأمور ذاهبة نحو المواجهة.‬

‫الوزير السّابق عبد الرحيم مراد مثلهما. يرمي بإستيائه على الحلفاء. هؤلاء ذاقوا مرّ مراد من خلالِ البيان الذي أصدرهُ حول رافض تطويق السعودية وفرضَ عقوبات عليها على خلفيةِ قضية الكاتب جمال خاشقجي. يقالُ أن البيان كان وقعه على الحلفاءِ كسطل المياه الباردة! بعضهم اعتبرَ أن "بيان مراد" هو أحد ردود الفعل عن تخلّي الحلفاء المقربين عن حقِ توزيرهم!‬

‫تنادي أوساط النواب السّنة من خارجِ المستقبل بأن إصرار الرّئيس الحريري عن تجاهلِ حقهم نابع من ارادةٍ مصلحية تبيحُ له احتكار المناصب السّنية انطلاقاً من الموقع الذي ناله، إلى جانب مصلحة خصومه السياسيين بوجوده في سدّةِ الرئاسية الثالثة لدواعٍ اقليمية معروفة، لكن وعلى ذلك، يعتبرون أن الحريري الذي يعملُ على كسب العالم، سيخسرُ نصف الغطاء السّني!‬

‫ويترددُ على لسان هؤلاء، أن استئثارَ الحريري بالوزراء السّنة الخمسة، سيجعلُ من حكومته مكشوفةً سنياً، وسيواجه معارضة شرسة ضمن طائفته هو حتماً بغنى عنها. ومن وجهة نظرهم، إن حجب التّمثيل السني عنهم وحصر الميثاقية بشخص قفزَ فوق نتائج الإنتخابات سيكون الرد عليه بحجب الغطاء السني الذي يمثل ٤٥% من أصل الميثاقية عن الحريري، وسيقابلهُ جعل الغطاء السّني ابتراً، ما يعني أن الحريري سيكشفُ سنياً وستحرمُ حكومته من الثّقة السّنية على أن يتطور ذلك إلى تموضع داخل المعارضة إلى جانبِ التيارات التي ستنبثقُ عن يسار الحكومة.‬

‫على خطِّ أوساط الرّئيس ميقاتي، يبدو أن التّعقل يسودُ المرحلة. كتلة "الوسط المستقل" تنتظرُ الخطوة التي سيقدمُ عليها الحريري بإتجاههم كي بينوا على خطواتهم، أما مواجهة أو مهادنة، تاركة الفرضيات جانباً.‬

‫ودون أن تُبدي رأياً في خطواتِ النّواب السّنة السّتة، تعتبرُ أوساط هؤلاء أنهم والرئيس ميقاتي "في نفس الخندق". ورغم كل الحديث الذي يدورُ حول امتعاض من جانبهم بحقّ الرّئيس ميقاتي الذي وضعَ نفسه بتصرّف الحريري، يردون أن العلاقة "سمن على عسل" ولا يأخذون بكلام "مطابخ" لا تريدُ الخير لنواب الشمال.‬

‫لكن السّاعات الماضية من عمرِ تفتيت العقد حملت معها تبدلات سياسة طارئة على مستوى عقدة تمثيل النواب السّنة من خارجِ تيّار المستقبل، استهلت بدخول قوي لحزب الله على الخط.‬

‫وعلم "ليبانون ديبايت" أن حزب الله أبلغ الرّئيس المُكلّف سعد الحريري عبرَ المعاون السّياسي للسيد حسن نصرالله، الحاج حسين خليل، ضرورة أخذ العلم بمسألة تمثيل النّواب السّنة وأنهم في صددِ حجب الثقة عنه ما لم يأخُذ بمطلابهم، مقترحاً عليه إيجاد مخرج وفق آلية مناسبة يقرّر عبرها إحقاق التمثيل، وهذا ما أكّد عليه لاحقاً رئيس تيّار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، الذي أعلنَ ليل الخميس أن "لا حكومة من دونِ النّواب السّنة" جازماً تمثيلهم، معطوفاً على موقفٍ سابق أصدرهُ عدد من هؤلاء النّواب حول غياب أفق ولادة الحكومة في حالِ مرّت على تمثيلهم.‬