عام >عام
تغيير «الموبايل» هوس لامحدود وغاية للتباهي والتسلية
بين مغريات التسويق والجنون بامتلاك الأحدث يضيع شبابنا
تغيير «الموبايل» هوس لامحدود وغاية للتباهي والتسلية ‎الاثنين 16 01 2017 12:51
تغيير «الموبايل» هوس لامحدود وغاية للتباهي والتسلية

جنوبيات

أصبح الهاتف الخليوي ومزاياه وأنواعه وآخر صيحاته الشغل الشاغل لأحاديث الأصدقاء وجلسات العائلة وطلاب المدارس، الذين يستغلون أوقات فراغهم لتبادلها والتغنّي واستفزاز الآخرين بأحدث صيحاته. فلم يعد الخليوي وسيلة للاتصال بل أصبح مع الأسف نوعا من الهوس اللامحدود وغاية للتباهي والتفاخر والتسلية. واللافت أنّ أغلب الناس يحملون الهواتف ويتعثّرون بثمن بطاقات الشحن، حتى أنّ كثيرين منهم يوفّرون ويحرمون أنفسهم من المصروف لشراء البطاقات في سبيل التسلية مع الأصدقاء والصديقات. وتكمن الخطورة في حالة الهوس بشراء وتبديل الهواتف المحمولة، لا سيّما في أوساط المراهقين والشباب، الذين يسعون للتنافس مع أقرانهم في هذا المجال. ويعزّز ذلك توافر السيولة اللازمة، خاصة إذا ما كان الأهل ميسورين مادياً، والأبناء لا يقدّرون قيمة الأشياء. كما تكمن الخطورة أيضا في تحوّل هذا الهوس إلى نوع من الانحراف السلوكي، لا سيما لدى ذوي الإمكانات المادية الضعيفة، نتيجة الفراغ الذي يختصر حياة هؤلاء بمجرّد اقتناء هاتف محمول، وأيضاً إلى الصعوبةٍ لديهم في حسن تقدير الأمور.

لمعرفة السبب وراء هوس شراء الهواتف الخليوية كانت لنا جولة سجّلنا خلالها الآراء التالية:
{ ليلى بدران (18عاما) قالت: «أصبح الهاتف إدمانا لدى بعض الشباب، فالهاتف لا ينزل من على أذن بعضهم، ومن المستحيل أن تجد في وقتنا الحاضر أي شخص لا يحمل «موبايل»، حتى أن هناك أطفالاً أعمارهم تتراوح بين 9 و13 سنة أصبحت لديهم هواتف ومن أجمل الموديلات وأكثرها كلفة؟!
أنا أمتلك هاتفا اشتراه لي والدي عندما نجحت في الشهادة المتوسطة، ولم أغيّره حتى الساعة وأدفع بطاقة شحنه من مصروفي الذي أتقاضاه شهريا بينما صديقتي تغيّر هاتفها كل سنة ولو اضطرت لتقسيط سعره فهي مهووسة به حتى أشعر بأنّها تخاف عليه أكثر من نفسها ولا تستطيع أن تخرج لأي مكان بدونه؟!».
عرف عائلي
{ ندى عيتاني (35 عاماً) من أسرةٍ ميسورة الحال، أشارت إلى مفارقة غريبة اعتادت عليها منذ سنوات، فهي تمتلك هاتفين محمولين، الأوّل بمواصفات عادية تستخدمه في إجراء مكالماتها الخاصة، والآخر بمواصفاتٍ حديثة واستثنائية تستخدمه لتلقي الاتصالات. وقالت: «ظاهرة الهوس بشراء «الموبايل» باتت بمثابة العرف في العائلة، فلا يمكن أن يطلّ العام الجديد دون تحديث الهواتف المحمولة لدى كبار العائلة، بل من المعيب عدم حصول ذلك؟!. البعض يتعجب للحال الذي وصلنا إليه ويعتبر المسألة بمثابة المرض النفسي، لكن ما باليد حيلة».
التكنولوجيا هواية
{ مصطفى اللقيس (18 عاماً) قال: «أحرص كل الحرص على امتلاك أحدث «موبايل»، وذلك لأنني أصبحت من هواة التكنولوجيا الحديثة، لاسيما أنني أستطيع من خلال بعض الهواتف الخليوية التصفّح عبر «الإنترنت» ومشاهدة بريدي الإلكتروني أيضا وتصوير الأصدقاء بـ «الكاميرا»».
{ بدورها اعتبرت ميرا نصر أنّ شباب اليوم يلجأون إلى اقتناء هواتف خليوية حديثة تلبية لهوسهم ولمتطلّبات عصرهم الذي بات امتلاكُ تقنيات التواصل فيه أمراً ملحّاً، وقالت: «طبعا هذا الأمر لا يخلو أحياناً من إشباع «حبّ الظهور» أيضا، والفوز في عملية التنافس بين الأصدقاء، لناحية شراء «الموبايل» الأحدث والأكثر تميّزاً في السوق، ولا أنكر أن الكثيرين يتمادون أحيانا في عملية شراء الهواتف وتبديلها كل 3 أشهر مثلاً؟!».
{ أما محمود سانتيني (30 عاماً) فأشار إلى أنّه بدّل هاتفه المحمول خلال العام المنصرم مراراً، وبهذه الحال هو يجدُ صعوبة في إحصاء خسائره المالية، وأضاف: «كلّما استحوذ خليوي جديد على إعجابي، أسارع إلى بيع «الموبايل» الذي بحوزتي بخسارةٍ دون أسف، وأحصلُ على قرضٍ لأتمّم ثمن الآخر، وذلك لأنّ راتبي محدود جدّاً. وبالرغم من تراكم الديون إلا أنني لا آبه، فالمهم أن أمتلك موبايل أكون سعيدا وفخورا به، باختصار «الموبايل» يأتي في طليعة الأولويات».
وللتجّار كلمة
لكن كيف يقيّم تجّار الهواتف الخليوية مسألة الإقبال على الشراء؟
{ حسن شقير يمتلك محلاً لبيع الهواتف الخليوية وإكسسواراتها، وقال: «زبائني من الشباب والشابات وهم يُقبِلون على المحل بكثرة سواء من ناحية شراء الهواتف أو شراء آخر الموديلات الموجودة بالسوق، إضافة الى هوس شراء الإكسسوارات وزينة الهواتف وبطاقات شحن الرصيد. أما الذكور فدورهم مشاهدة آخر الأنواع من الهواتف ومميّزاتها وقليل منهم يكون من النوع الجاد الذي يقوم بالشراء فعلا. والحقيقة، أنّ الفتيات أصبحن في الطليعة كونهن ينافسن الشباب على شراء كل ما هو جديد من الهواتف النقالة».
الملل وراء التغيير
{ حسين شمص يتاجر بالهواتف الخليوية منذ سنوات وقال: «الزبائن الذين يبدّلون هواتفهم خلال فترات زمنية قصيرة، تتراوح أعمارهم تقريباً ما بين 22 و35 عاماً. وهؤلاء الزبائن يتشاركون سمةً باتت مألوفةً بالنسبة إليه، هي عدم الاكتراث للخسارة المالية التي تنتج عادة من فعل تبديل هواتفهم بأخرى أكثر حداثة.
وعن أسباب التغيير، أشار إلى أنها متعدّدة، ويتقدّمها «الملل» من الجهاز الخلوي بعد مدّةٍ من اقتنائه، والبحث عن هواتف محمولة ذات خصائص وخيارات جديدة ومميّزة تتماشى مع الموضة، لا سيّما في ظل موجة التحوّل من الهواتف المحمولة العادية إلى الهواتف الذكية، والتي تتصاعد بشكل ملحوظ».

 
 

 

المصدر : سمار الترك