بأقلامهم >بأقلامهم
"قوت الفقير"!
جنوبيات
تثور الشّعوب لعدّة أسباب، منها ما هو دينيّ إلى جانب الإثنيّ والعرقيّ ومنها ما هو اجتماعيّ ومنها ما هو اقتصاديّ. بيد أنّ العامل الاقتصاديّ هو المحور الأهمّ في اندلاع الثّورات على مرّ الأزمنة والعصور. وقد اقترن "الخبز" على وجه الخصوص بالكثير من أسماء هذه الثّورات وشعاراتها وهتافاتها، فعدا عن كون الخبز من أهمّ المنتوجات الغذائيّة والرّئيسة في العالم (قوت الفقير)، فإنّه الدّليل على مدى تحضّر المجتمعات من خلال العمل الدؤوب لبعض الدّول المتقدّمة على تحسين إنتاج الرّغيف بما يتلاءم مع رقيّها وتفوّقها تجاه الدّول الأخرى.
وغاية الفقير الحصول على رغيف العيش، بينما غاية الغنيّ الحصول على أفضل أنواع الخبز بحسب "مزاجه" الصحّيّ والاجتماعيّ.
وما يهمّنا من هذه المقدّمة هو تبيان ما إذا كان الإنسان يجوع إلى كلّ ما يؤكل أو يُشرب!
في الواقع كانت اللغة العربيّة الأبلغ في هذا السّياق عمّا عداها من لغات.
فالمرء لا يجوع إلّا إلى الخبز، وإلى الخبز فقط. أمّا بقيّة الأطعمة والأشربة فلا يجوع المرء إليها.
وعلى هذا الأساس حدّدت اللغة العربيّة أوجه الجوع والعطش كلّها على النّحو الآتي:
فيُقال:
فلانٌ جائعٌ إلى الخبز.
عطشانُ إلى الماء.
عيمانُ إلى اللبن.
قَرِمٌ إلى اللحم.
بَرِدٌ إلى التّمر.
جَعِمٌ إلى الفاكهة.
ومن هذا المنطلق نجد أنّ الإنسان يجوع إلى الخبز فقط، وتأتي البقيّة بحسب الأهواء والمطالب.
أمّا في لبناننا العزيز، فينطبق على المواطن اللبناني أنّه :
جائعٌ وعطشانُ وعيمانُ وقَرِمٌ وبَرِدٌ وجَعِمٌ... وفقير ومحتاج ومسكين "ومشحّر" وعدمان وتائه ومشرّد، والبنوك سلبت "أمواله" والدولة تتفرّج والأجيال تتعرّج قبل أن تتخرّج...
وكان الله في العون...