بأقلامهم >بأقلامهم
"رنّة جميلة"!
جنوبيات
هذه القصّة القصيرة بعيدة المرامي والأهداف سمعتها من رجل كبير في السنّ قد تجاوز التسعين من عمره ولا يزال في كامل وعيه وفهمه العميق.
يُحكى في الزمن المشاكس للرغبات، والمعادي للأمنيات، أنّ عجوزًا أخذ يشكو إلى زوجته من شخيرها كلّ يوم عند نومها حتّى مطلع الصباح. وفي كلّ مرّة كانت تنكر وتقول إنّها لا تشخّر أثناء نومها.
ذات ليلة قرّر الزوج أن يسجّل صوت شخيرها كي يثبت لها صدق كلامه، وبالفعل تمّ التسجيل وكان له ما أراد.
وفي الصباح الباكر، وبعد أن حضّر آلة التسجيل خارج الغرفة، عاد مجدّدًا إلى غرفة النوم حتّى يُسمِع زوجته بالدليل القاطع صوت شخيرها ويثبت صحّة كلامه.
لكنّ الفاجعة غير المتوقّعة أنّ زوجته وشريكة حياته قد غادرت الدنيا الفانية "وكانت آخر ليلة للشخير"…
ومنذ تلك الليلة أصبح شخير صوتها المسجَّل "رنّة جميلة" بالنسبة إليه ولا يستطيع النوم من دون سماعه...
فاستمتعوا بمن تحبّون حتّى بسلبيّاتهم فالموت ليس له موعد…
صفوة القول، أشدّ ما يُبتلى به الإنسان هو الرضى بالأقدار التي خالفت
كلّ توقعاته، فحين يرضى على حزنه
ويرضى على بلاءه، يرضى على كلّ موقف يعيشه ويخالف هواه، فيصبح على يقين تامّ أنّ ما قضاه الله هو الخير، وأنّ ما قدّره الله هو الصواب بحدّ ذاته، فيعطيه الله الأجر مرّتَين ويعوّضه العوض مرّتَين جزاء لما صبر.
ونختم بقول الشاعر:
الصبر مثل اسمه مرّ مذاقته…
لكنّ عواقبه أحلى من العسل