بأقلامهم >بأقلامهم
هل اعترض "الثنائي" فعلاً على تسمية نوّاف سلام؟
هل اعترض "الثنائي" فعلاً على تسمية نوّاف سلام؟ ‎الثلاثاء 21 01 2025 10:19 حياة الحريري
هل اعترض "الثنائي" فعلاً على تسمية نوّاف سلام؟

جنوبيات

 

لم تكن تسمية نوّاف سلام رئيسًا مكلّفًا بتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس العماد جوزاف عون الحدث الأوحد في لبنان منذ أكثر من أسبوع، بل شكّل "غضب" كل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد الحدث الأبرز الذي رافق العملية الحكومية الانتقالية.

حين تسمية رئيس الحكومة المكلّف، وضع ثنائي أمل وحزب الله هذه الخطوة في خانة "محاولة تحجيم أو إلغاء الحضور الشيعي السياسي" في ضوء نتائج الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان وتغيير موازين القوى في المنطقة. وعليه، صرّح رموز "الثنائي"، وقتذاك، أنّهم لن يقبلوا بأي محاولة للمس بالوجود السياسي الشيعي في الدولة اللبنانية، محذّرين الأطراف الدولية والمحلية من مغبّة الرهان على ضعف هذه "البيئة".

أوحى هذا المشهد بأن ثنائي حركة أمل وحزب الله لم يكن على علم بالتوجّه لتسمية نوّاف سلام لرئاسة الحكومة، الأمر الذي يمكن اعتباره "سابقة" في الحياة السياسية اللبنانية في جمهورية ما بعد الطائف تبعًا للعرف. وبالتالي، لم يستطع "الثنائي" تقبّل نتائج اللعبة الديمقراطية في تسمية سلام، برغم أنها لم تخالف الدستور أو الأصول والأعراف المتّبعة، فكان الاعتراض تحت عنوان "الوجود" و"الميثاقية"، برغم تأكيد المعنيين في الدولة، لا سيّما رئاسة الجمهورية كما الرئيس المكلّف، بأنّه لا يمكن لأي فريق أن يلغي الآخر، لأن التجربة اللبنانية أثبتت ذلك.

"كلمة السر" الفرنسية!

غير أن معلومات مصدر مطّلع أشارت إلى أن المفاجأة لم تكن عند "الثنائي" في تسمية نوّاف سلام، بل في عدم التزام "الثنائي" نفسه بوعده ودعمه لترشيح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك عبر الامتناع عن التصويت للأخير.

ويضع المصدر هذه الخطوة في سياق اتفاق مسبق بعلم الفريق الشيعي حول تسمية السفير نوّاف سلام بعد ضغط فرنسي مباشر، خلافًا للأخبار المتداولة عن تفضيل ماكرون لميقاتي، مع الإشارة إلى العلاقة المميّزة التي تجمع رئيس الحكومة المكلّف بالرئيس الفرنسي.

هذه المعلومات ينفيها، في الوقت نفسه، رئيس الوزراء السابق، وتقول أوساط ميقاتي إنه عندما أدرك أن "كلمة السر" باتت مُعممة على معظم الكتل النيابية والنواب المستقلين، تمنى على "الثنائي" (30 نائبًا) عدم تسميته طالما أن النتيجة باتت محسومة، فكان القرار بالذهاب إلى عدم التسمية نهائيًا.

الملفات المقبلة أمام الحكومة

تنتظر الحكومة الجديدة، التي من المفترض أن تتشكّل في فترة وجيزة، الكثير من الملفات والقضايا، لا سيّما تطبيق القرار 1701 تطبيقًا كاملًا وحماية لبنان من المطامع الإسرائيلية، بالإضافة إلى تطبيق خطة إصلاحات جدية.

لذلك، فإن الأنظار شاخصة على أداء رئيس الحكومة المكلّف نوّاف سلام ومدى قدرته كما قدرة العهد على حسن إدارة التوازنات السياسية والطائفية استنادًا إلى هذه المعطيات.

ولا سيّما مع علم "الثنائي" بالتوجه لتسمية نوّاف سلام، يمكن القول إن كل المشهد الذي تبعه من اعتراض وغضب هو وسيلة إخراج لتمرير التسمية وتحقيق هدفين:

  1. إعادة شدّ عصب جمهور "الثنائي"، الذي يُعبّر عن خيبة أمل أو إحساس بالغبن وبأنه مستهدف في ضوء نتائج الحرب الإسرائيلية واغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. فقد بات الناشطون يتداولون عبارات مثل "الوجود الشيعي" و"الإحباط الشيعي" و"الحقوق الشيعية".

  2. حفظ ماء الوجه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بخاصة أن الأخير كان أكثر الرؤساء حرصًا على التعاون والتنسيق مع "الثنائي"، ما أفقده من رصيده الشعبي، لا سيّما في الشارع السني.

لعبة الأواني المستطرقة!

أدرك "الثنائي" أن غالبية اللبنانيين عبّروا عن تأييدهم للرئيس المكلّف نوّاف سلام رفضًا للوجوه القديمة وطموحًا بوصول أسماء جديدة. فكانت تسمية سلام فرصة كبيرة لما يتمتّع به الرجل من مناقبية وتاريخ مهني حافل وعلاقات دولية وإقليمية يحتاجها لبنان في المرحلة المقبلة.

الصراعات الإقليمية
عملية تسمية نوّاف سلام ترافقت مع معلومات متضاربة حول صراع بين الدول العربية الفاعلة في الشأن اللبناني، لا سيّما بين قطر والسعودية. إلا أن مصادر تؤكد أن لا دولة عربية فرضت أو تدخلت في ملف رئاسة الحكومة.

دعم دولي وإقليمي

حضور لبنان في قلب التغيّرات والمعادلات منوطٌ بقرار اللبنانيين أنفسهم، خاصة في ظل دعم دولي وإقليمي افتقده لبنان منذ عقدين.

من هنا، على الإدارة الجديدة أن تتفادى أخطاء الحكومات السابقة وأن تعمل على خطة إصلاحية شاملة تفسح المجال أمام الشباب والكفاءات لإعادة حضور لبنان العربي وتعزيز شراكاته الدولية.

المصدر : موقع 180