في الجلسة النيابية التي عقدت لمساءلة الحكومة، لم يتفاجأ أحد لا داخل المجلس ولا خارجه بمضمون الكلمة التي ألقاها رئيس ​حزب الكتائب​ النائب ​سامي الجميل​. فهو يلعب دور رأس حربة المعارضة منذ أن إختار عدم الدخول في التركيبة الحكومية، لذلك كان من الطبيعي جداً أن ينتقد الحكومة بنبرة عالية وتشكيكية بكل ما تبرمه من صفقات ومناقصات أكانت هذه الصفقات كهربائية أم أمنية.

المعادلة عينها تنطبق على النائب ​بطرس حرب​، الذي لم يعد ضمن التركيبة الحكومية التي شكلت مع بداية العهد الرئاسي الجديد، لذلك صبت مداخلته ضمن خانة مساءلة الحكومة والهجوم عليها بكل الملفات المطروحة. وإذا كانت مداخلتا الجميل وحرب من الأمور المتوقعة والطبيعية، فالمفاجأة كل المفاجأة ظهرت في مداخلتي نائب ​القوات اللبنانية​ ​أنطوان زهرا​ ونائب ​حزب الله​ ​حسن فضل الله​، إذ أن فريق الأول أي القوات اللبنانية ممثل في الحكومة بحصة من أربعة وزراء، ويعتبر نفسه شريكاً أساسياً للعهد، وفريق الثاني أي حزب الله، هو الحليف الأول للعهد، وهو الذي يجمعه ب​التيار الوطني الحر​ و​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ تفاهم ووفاء ودين، يردد ​السيد حسن نصرالله​ في إطلالاته إن هذا الدين سيبقى ليوم الآخرة.

وفي تفسير لهجوم زهرا الصاعق على الحكومة، ولإعتباره أن الثقة بها باتت معدومة لدى المواطنين، ترى مصادر نيابية متابعة أن كل ما يقوم به النائب القواتي عن مقعد البترون في الآونة الأخيرة، سببه تخلي حزبه عن ترشيحه الى ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة وإخراجه من اللعبة السياسية البترونية، الأمر الذي سمح له بالتغريد خارج سرب حزبه، ولو لم تفعل القوات ما فعلته به، لما تحدث بالنبرة التي تحدث فيها، والدليل إن النائب ​ستريدا جعجع​ لم تحضر جلسة مساءلة الحكومة أساساً، أما النائب ​جورج عدوان​ فحضرها بصمت ومن دون أن يناقش الحكومة أو يسائلها بأي ملف من الملفات المطروحة.

وفيما خص مداخلة النائب فضل الله التي تضمنت كلاماً كبيراً وبالأرقام عن هدر أموال عامة ودفع رشاوى للوزارات، تشير المصادر المتابعة الى أن حزب الله، يحرص دائماً على لعب دور الحريص على ​محاربة الفساد​ وكشف المتورطين، وبما أن رئيس لجنة الإتصالات نجح في تأدية هذه المهمة في جلسات نيابية سابقة، وسطع نجمه عبر وسائل الإعلام بسبب قدراته الخطابية على المنبر وتحضير ملفاته جيداً، وإعتماده على الأرقام التي حصل عليها من جلسات ​اللجان النيابية​، أصبحت هذه المهمة بحكم الموكلة اليه، وذلك بالإتفاق الضمني ضمن ​كتلة الوفاء للمقاومة​.

لكل ما تقدم، قال زهرا ما قاله في الجلسة الأخيرة وسط صمت نيابي قواتي واضح، ولكل ما تقدم أيضاً كانت كلمة النائب فضل الله الأبرز بين كلمات نواب حزب الله، لأن المطلوب من هذه الكلمة أن تكون الأبرز، وهكذا حصل بشهادة الغالبية الساحقة من نواب الحزب وحلفائهم كما خصومهم.