فلسطينيات >داخل فلسطين
"الكنيست" يعزز إمكانية سرقة أعضاء الشهداء بإقراره احتجاز جثامينهم
"الكنيست" يعزز إمكانية سرقة أعضاء الشهداء بإقراره احتجاز جثامينهم ‎السبت 27 01 2018 18:52
"الكنيست" يعزز إمكانية سرقة أعضاء الشهداء بإقراره احتجاز جثامينهم


تتساءل يسرى الفقيه، والدة أحد الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى (إسرائيل)، لطالما أن جيش الاحتلال قتله، فلماذا يصرون على أسر جثمانه؟

وتتمنى الفقيه لو أن جثمان نجلها محمد، مدفون في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، حيث تقطن عائلته.

وكان محمد نفذ في بداية شهر يوليو 2016 عملية في مستوطنة "عتنائيل"، المقامة على جبل الخليل.

وتقول والدته البالغة (64 عامًا): "فوجئنا باقتحام قوات الاحتلال منزلنا، لم نكن نعلم تفاصيل ما جرى مع محمد، لكن الجيش أخبرنا لاحقًا أنه نفذ عملية في إحدى مستوطناته.

"سنعتقله ونقتله، وسنقتلك أنت أيضًا" تهديدات كان يصيح بها جنود وضباط الاحتلال في كل مرة كانوا يقتحمون فيها بيت العائلة ليلاً على مدار أيام الملاحقة التي استمرت 27 يومًا.

"لم يتركونا في حالنا بعد مطاردة محمد، كل يوم كانوا يقتحمون البيت ويسألون عنه ويهددونا ويعيثون في البيت خرابًا".

واعتقلت قوات الاحتلال اثنين من أشقاء محمد، بحسب والدتهما، بدعوى علاقتهم بتنفيذ العملية التي قتل فيها الحاخام اليهودي "ميخائيل مارك"، قبل انسحاب محمد واختفائه.

لكن حسب معلومات استخبارية وصلت إلى جيش الاحتلال، فقد لجأ محمد إلى بلدة صوريف، غربي الخليل بعد تنفيذ العملية، واستطاع الجيش بعد مطاردة استمرت قرابة 4 أسابيع، من الوصول إلى محمد ومحاصرة المنزل الذي يتحصن بداخله.

وعلى إثر اشتباك استمر قرابة 7 ساعات مع جيش الاحتلال، استشهد محمد البالغ من العمر (29 عامًا)، في 27 يوليو/ تموز لعام 2016، واحتجز جثمانه.

آلام الفقد والحرمان

وتقول والدته إن أسر جثمان محمد، يزيد من أوجاع فقدنا له، "لم نترك جهة حقوقية أو رسمية إلا وتوجهنا لها، وشاركنا في الاعتصامات والاحتجاجات للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء، لكن دون جدوى".

وتبدو الأم الثكلى، خائفة من إقدام جهات إسرائيلية على سرقة أعضاء من جثمان نجلها.

ولـ(إسرائيل)، تاريخ حافل في سرقة أعضاء جثامين الشهداء؛ إما لزرعها في أجساد المرضى اليهود أو استعمالها في كليات الطب بالجامعات العبرية لإجراء الأبحاث عليها.

وهذا ما يؤكده كتاب "على جثثهم الميتة"، لمؤلفته الطبيبة الإسرائيلية مئيرة فايس.

وكان الكنيست الإسرائيلي صادق، مساء الأربعاء الماضي، بالقراءة التمهيدية الأولى على قانون يمنع إعادة جثامين منفذي العمليات الفدائية ضد أهداف إسرائيلية.

ويمنح القانون شرطة الاحتلال صلاحية إعاقة إعادة جثامين الشهداء "كي لا تتحول جنازاتهم إلى مظاهرة للتحريض ضد (إسرائيل)".

وتقول يسرى الفقيه: إن القانون الجديد "يؤلمنا كثيرًا، ألم يكتفوا بقتله بعد؟".

ولا تعرف الأم إن كان ابنها دفن في ما يسمى "مقابر الأرقام" أو ما زال محتجزًا في ثلاجات الموتى.

ويقول جيش الاحتلال إنه يريد الإفراج عن جنوده المفقودين إبَّان العدوان على غزة صيف سنة 2014، مقابل الإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة لديه.

لكن والدة الشهيد الفقيه تؤمن أن "الحي أبقى من الميت"، في إشارة إلى وجوب إطلاق سراح الجنود لدى المقاومة بغزة مقابل تحرير أسرى يقضون أحكامًا بالمؤبدات في سجون الاحتلال، كما تقول.

غير أن هذا لم يطفئ نار قلبها المشتاق لاحتضان نجلها ووداعه في جنازة ودفنه بما يليق به.

وتأمل أن تتمكن يومًا من زيارته برفقة حفيدها محمد (نجل الشهيد محمد الفقيه الذي لم يرَه والده)، وأن تمسِّد التراب على قبره وتقرأ على روحه الفاتحة.

وكانت زوجة الشهيد الفقيه أنجبت طفلها الأول بعد مرور خمسة أشهر على استشهاد والده في بلدة صوريف، وأسمته محمد تيمنًا باسم والده، و يبلغ من العمر عامًا واحدًا.

جثامين ورفات

ويبلغ عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة القدس مطلع أكتوبر/ تشرين أول لعام 2015، 16 شهيدًا، بحسب أمين البايض عضو الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، عن محافظة الخليل.

ومن بين هؤلاء 5 شهداء قضوا في قصف نفق شرق خان يونس، جنوبي قطاع غزة، وينتمون لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، نهاية أكتوبر/تشرين الأول لعام 2017.

وطبقًا لما قاله البايض لـ"فلسطين"، فإن سلطات الاحتلال ما زالت تحتجز رفات 249 شهيدًا فلسطينيًا في "مقابر الأرقام" المقامة على أراضي الداخل المحتل عام48.

وأكد أن احتجاز الجثامين "غير قانوني، وسلطات الاحتلال شرعت هذا الأمر من خلال (الكنيست)".

وبحسبه فإن أراضي الضفة الغربية، هي محتلة في الأصل، ويفترض ألا تسري قوانين "الكنيست" في المناطق المحتلة، محذرًا من خطورة ذلك على الشعب الفلسطيني.

وبين أن الحملة الوطنية لها دور في متابعة قضايا الشهداء المحتجزة جثامينهم في محاكم الاحتلال.

لكنه قال: على السلطة التحرك باتجاه رفع دعاوى في محكمة الجنايات الدولية ضد (إسرائيل) بشأن جثامين الشهداء.

وأكد وكيل وزارة الأسرى والمحررين في غزة بهاء المدهون، أن الاحتلال يمعن في إقرار القوانين "العنصرية المخالفة للأعراف والقوانين الدولية"، وكان آخرها المصادقة على قانون احتجاز جثامين الشهداء.

واعتبر المدهون في بيان، أمس، المصادقة على احتجاز جثامين الشهداء "انتهاك لحرمة الشهيد وأسلوب انتقامي تعسفي مرفوض وذلك بغرض المساومة".

وشهدت الأعوام الماضية تغولاً في السياسة الإسرائيلية بحق الأسرى، واستمرت في سن تشريعات وقوانين عنصرية وانتقامية؛ كان أبرزها قوانين: إعدام الأسرى، وحرمان الأسرى من الزيارة، والتغذية القسرية، بحسب المدهون.

المصدر : وكالات