لبنانيات >أخبار لبنانية
"على ذمّة التحقيق".. حكاية توقيف يطول لسنوات ومحاكمات في أدراج المجهول
الأحد 23 12 2018 14:46جنوبيات
في شهر تموز الماضي، أقفلت المحكمة العسكرية ملفات الموقوفين في قضايا اشتباكات "جبل محسن"، "المنية - بحنين"، وكانت الصدمة الكبيرة لدى إقفال تلك الملفات أنّ العديد من هؤلاء مكثوا موقوفين على ذمّة التحقيق سنوات أكثر من الأحكام التي صدرت بحقهم، بل وأكثر، فقد نال عدد منهم حكم البراءة بعد قضائهم 4 أو 5 سنوات وهم يحملون لقب "موقوف"، بدون محاكمة!
بعد حكم "العسكرية" بحق البرجاوي.. "المستقبل" وريفي يأسفان
غموض يلفّ تراجع "التمييز العسكرية" عن قرار شاكر البرجاوي... هل سيتم تبرئته؟
المماطلة في محاكمة الموقوفين في لبنان، والتغاضي عن حقهم بإصدار حكم نهائي في ملفاتهم، سواء بالإدانة أو التبرئة، يسجل انتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان، إذ لا جهة تعوّض شخصاً من الموقوفين السنوات التي يمضونها بسبب "المماطلة" في إجراءات التقاضي، حينما يأتي الحكم بالبراءة، أو حينما تكون مدة الحكم أقل من تلك التي قضوها بين جدران السجن وهم يعدّون الساعات واللحظات دون أن يدركون ما مصيرهم وكم سيقضون من الوقت.. فهم ببساطة على "ذمة التحقيق".
والكلام هنا، ليس في إطار الدفاع عن أي موقوف، وإنّما في إطار التأكيد على ضرورة تسريع المحاكمات وصدور الأحكام مهما كانت عقوبتها، وليحاسب كلّ على ما اقترفت يداه.. ولكن حاكموهم أولاً!
في هذا السياق، ما زال مصير الموقوفين في ملف "عمر الأطرش" مثلاً، المرتبط بنقل بعض السيارات المفخخة الى أماكن معينة قبل تفجيرها ومنها سيارتان استخدمتا في تفجيري حارة حريك، دون أيّ محاكمات، والموقوفون في هذا الملف وهم: نايف زين الدين، محمد بدر الدين كرمبي، عبد الكريم الحجيري، محمد غدادي، علي الحجيري، محمد عز الدين، نواف الحسين، وكانوا أوقفوا في الأوّل من شباط 2014 لم تصدر حتى اللحظة أيّ أحكام بحقهم.
وفي معلومات فإنّ أوّل جلسة للموقوفين لدى المحقق العدلي كانت بتاريخ 27/4/2016 اي بعد مرور اكثر من سنتين على توقيفهم،
ومنذ ذلك التاريخ والملف لم يتحرك. وتشير المعلومات نفسها إلى أنّ بعض هؤلاء الموقوفين يؤكدون على براءتهم ويترقبون المحاكمة لتنصفهم، لاسيما وأنّ أحدهم لم يرتبط بأي علاقة مع الأطرش سوى أنّه أقلّه بسيارته، وآخر كان فقط قد جمعه فيه اتصال هاتفي!
وتكشف المعلومات أنّ هؤلاء الموقوفين كانوا قد أعلنوا الإضراب عن الطعام لأسبوعين في المرحلة الماضية، مما دفع قاضي التحقيق الرئيس عماد الزين إلى استدعائهم والاجتماع بهم في مكتبه في شهر تشرين الثاني 2018، حيث تعهد لهم بمتابعة الاجراءات والبت بإخلاء سبيل من يستحق منهم ووعدهم بإنهاء التحقيق في الملف قبل بداية شهر كانون اول من العام 2018، ولكن هذا لم يحدث.
المحامي محمد صبلوح، أكّد من جهته أنّه لا بد من إنهاء هذا الملف كي يحاسب كل موقوف وفق العقوبة القانونية، معتبراً أنّ "ترك الملف عالق هو مخالف للقانون اللبناني ولحقوق الإنسان".
ولفت صبلوح إلى أنّ القانون اللبناني وضع مهلاً للتوقيف الاحتياطي في لبنان سواء في الجنح أو الجنايات (المادة 108 من قانون العقوبات)، وقد استثنى من هذه المهل المحاكم الاستثنائية أي المحكمة العسكرية والمجلس العدلي، موضحاً أنّ الاستثناء يعود لكون طابعهم "سريع" ومحاكمتهم هي أسرع من المحاكم العادية، وبالتالي لا يجوز لهذه المحاكم التذرع بهذا الاستثناء للمماطلة، فالقانون استثناها لكونها اسرع من غيرها في الأحكام.
وأشار صبلوح إلى أنّه "في ملف فتح الإسلام، كانت حجة المحكمة العسكرية عدم القدرة على استيعاب عدد الموقوفين وهو 500 حيث قرر المجلس العدلي بناء محكمة في رومية، وبعد 11 سنة افتتحت هذه المحكمة واستعملت مرة أو مرتين، مع العلم أنّه تمّ تبرئة 45 شخصاً من هؤلاء الموقوفين".
وتابع مبيناً أنّه منذ 10 سنوات قد تقدّم بمشروع قانون للمجلس النواب، وقّعه عشرة نواب، إلاّ أنّ هذا المشروع الذي يفرض على المحكمة العسكرية والمجلس العدلي سقفاً للتوقيف الاحتياطي، ما زال نائماً في أدراج المجلس.
وختم صبلوح بأنّه "إذا بقي موضوع المحاكمات قيد المماطلة سأعتبر أنّ الرئيس عماد الزين غير قادر على الاستمرار بهذا الملف، وسأتخذ الإجراءات القضائية التي تؤدي إلى تنحيته عن هذا الملف، وتعيين قاضي يتابع ويصدر القرار طلباً للعدالة وضماناً لحقوق المواطنين".