ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
الأوستراليّة (سيا) في اختتام مهرجانات بيبلوس الدوليّة: جمود على الخَشبة
الخميس 11 08 2016 11:21
إنسَدَلَ الشعر المُستَعار على وجهها بما يليق بإمرأة إرتأت ذات يوم أن الوَسَط الفنّي يحتاج إلى بعض الغموض، وسط كل هذه الإعترافات غير المُبرّرة لبعض النجوم على مواقع التواصل الاجتماعيّ.
منذ ذلك الوقت، والمغنية والمؤلّفة الموسيقيّة الأوستراليّة (سيا)، تخفي مَلامح وجهها في حفلاتها الموسيقيّة وخلال المُقابلات الصحافيّة بشعر مُستعار ينتشر من رأسها وصولاً إلى وَجهها الذي يغطيه، رغبةً منها بأن ترسم لنفسها شخصيّة فنيّة بعيدة من كل ما هو تقليديّ وشائع. وفي إختتام مهرجانات بيبلوس الدوليّة أول من أمس، حافظت (سيا) على هالة الغموض التي "تُزَخرِف" شخصيّتها الفنيّة، وأطلّت بثوبها الأبيض الرصين والخالي من أي "تَطريزات" تَغمزُ إلى النجوم وعالمهم الخاص. وأختفى وجهها خلف الشَعر المُستعار ووقفت في إحدى زوايا خشبة المسرح البعيدة كل البُعد من جمهور تهافتَ بالآلاف ليُشاهد "جمودها" الشهير.
لم تتحرّك (سيا) ولو للحظات، ولم تترنّح بإنخطاف على صدى الأنغام التي تمزج ما بين البوب والهيب – هوب والفانك وموسيقى السول. وَقفت على منصّة صغيرة مُنتعلة الكعب العالي "الرفيع". ظَهَرت فجأة على المَسرح ومن دون أي إعلان "مُدوّ" يليق بالنجوم. غنّت طوال ما يُقارب الـ 50 دقيقة ضمن جولة عالميّة تقوم بها حالياً وتأخذها حتى تشرين الثاني المقبل إلى بلدان أوروبيّة، وبعدها عشرات الولايات الأميركيّة. لم تتواصل مع جمهورها المُتعطّش لموسيقاها الإنتقائيّة. حافظت على وقارها و"جَلَست" في بُرجها العالي الذي لم تتمكّن هُتافات الآلاف من أن تُبعدها منه. وبالإضافة إلى الآلاف الذين حجزوا قبل وقت طويل مقاعدهم للحفل، وَقَف الآلاف من الشُبّان في مُختلف زوايا الفُسحة المديدة المُخصّصة لحفلات المهرجانات. غنّوا معها، إلتقطوا لها مئات الصور، وإن كانوا على يَقين من أن الصورة لن تفيد بأي شيء على إعتبار أن (سيا) مُختبئة خلف قناع إفتراضيّ لا تُريد حتى أن تَسترق النظر منه نحو الآخرين. وخُيّل للبعض أنها كانت غارقة في عالمها الخاص، ولم تتنبّه إلى هؤلاء العشّاق الذين تسبّبوا بإختناق مروريّ "إلو أول ما إلو تاني" على الأوتوستراد الذي يوصل العاصمة الخليلة بالمدينة التاريخيّة. لم تتَأهل بهم بقدر ما كانت "غارقة" في رواق الإبداع، حيث لم تتمكّن الأصوات التي ردّدت إسمها من أن تَصل إليه. كانت (سيا) هادئة حتى الجمود والبرودة، ومع ذلك تمايل صوتها في كل الإتجاهات النغميّة مُغازلاً النوتات الأكثر إرتفاعاً بالسهولة عينها التي "هَدهَد" من خلالها النوتات الأكثر إنخفاضاً.
رافقها على الخشبة بعض راقصين جسّدوا المواقف الدراماتيكيّة التي تَعكس الأغاني وتَنبَثق أحياناً منها بجموح يُجاور الشراسة. وظَهرت (سيا) ببعض لَقطات على الشاشتين الكبيرتين اللتين إنتَشرتا في الواجهة البحريّة لجبيل. ولكن ظُهورها من خلالهما كان "متل قلّلتو"، إذ كان وجهها "مُتَربّصاً" خلف الشعر المُستعار.
وفجأة وببساطة "مُحيّرة"، قالت (سيا) للآلاف الذين تحدّوا الحرّ والعطش والرطوبة "الخَطيرة" والساعات الطويلة في عجقة السير من أجل غموضها، "شكراً جزيلاً"! وبهذه الطريقة إنتهت الحفلة. ووَجد الشُبّان أنفسهم، وبطريقة عفويّة، يَتصلون بالأصدقاء والأقارب هاتفين بعفويّة، "ما فهمنا شي من الحفلة! ماذا يا تُرى هو قصد سيّا من هذا كلّه؟".
- هنادي الديري