بأقلامهم >بأقلامهم
الحكومة اللبنانية في موسوعة غينيس-بقلم إبراهيم مرعي
إبراهيم مرعي
وأخيرا إنجاز عظيم ومفرح في بلد لا يخلو من الإخفاقات.. دخول الحكومة اللبنانية في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأطول حكومة تولد بعد ثلاثة عشر شهرا !!
فبعد مخاض عسير وولادة قيصرية تنفست الحكومة اللبنانية وخرج طفلها باكيا من الظلمات إلى النور.
وكعادة اللبناني الذي يخشى من أي شيء بلا شيء تهافت المواطنون من كل حدب وصوب لبيع دولاراتهم في السوق السوداء مع تراجع قيمة الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
لكن على عكس ما توقع الكثيرون، جرت الرياح بعكس ما اشتهت أهواء اللبنانيين. فلم يكن هبوط الدولار هبوطا مرضيا مع أخذه استراحة محارب على عتبة الستة عشر ألف ليرة وخلوده في سبات عميق.خشعت الأبصار والأذهان وبلغت القلوب الحناجر، وعادت الشكوك لتزيغ يقين اللبناني العالق في رمال الأزمات المتحركة.
فمع بشرى ولادة الحكومة نعت محطات الوقود خراطيمها إلى مثواها الأخير، فمن مطلع الأسبوع القادم لا بنزين ولا مازوت هكذا رثى نقيب المحطات فادي أبو شقرا خبر فقدان الوقود في لبنان.
ومع بشرى انخفاض الدولار ارتفع الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات في الأيام القليلة المقبلة ليسطّر الإنجاز الأول لحكومة أتت-على حد قولها -لتدعم لبنان واللبنانيين.
أما عن التعليم فحدّث ولا حرج فقد أصبح التعليم في لبنان من كماليات الكماليات أو أنه احتكر حصرا بالأغنياء، أما عامة الشعب فلا بأس من أن يعيدوا إحياء تراثهم ويتعلموا تحت الشجرة.فماذا عن العودة إلى التعليم أواخر أيلول ولم تجد وزارة التربية ولا الحكومة خطة واضحة لتأمين احتياجات المدارس والأساتذة والطلاب؟ وهل سيكفي راتب المعلم لتزويد سيارته بالوقود؟ وهل سيقف المعلم يوما كاملا على محطة البنزين ليذهب إلى مدرسته؟!وهل يستطيع اللبناني تأمين تكاليف المدرسة والقرطاسية والكتب والنقل لأولاده والتي تفوق كلفتها راتبه السنوي بأضعاف؟!
وعن القطاع الصحي رحم الله جدتي عندما كانت تقول: "الله لا يعلقنا بيد حاكم ولا حكيم"!
فبغض النظر عن ارتفاع كلفة الاستشفاء وغياب الضمان الاجتماعي، لم يسلم القطاع الصحي من أزمات لبنان المتراكمة حتى باتت المستشفيات بحاجة لعلاج طارئ، وعناية مركزة لإيقاظها من غيبوبة المستلزمات والمعدات الطبية والأدوية؛ أو لإنقاذها من نوبة اقتصادية لا تبقي فيها نبضة واحدة.
وماذا عن القطاع المصرفي وأموال المودعين الذين فقدوا الأمل من استرجاع أموالهم؟ أو عن التدقيق الجنائي والأموال المنهوبة من جيوب الفقراء والعاملين؟!
وماذا عن انفجار بيروت الذي ترك في قلب كل لبناني ذرة نيترات تنفجر كل يوم يضيع فيه التحقيق بين قضاة العدل والأحزاب اللبنانية؟!
وماذا عن... وعن... وعن... ؟!
فهل ولادة الحكومة بشرى للبنانيين أم إخفاق جديد يضاف على لائحة النظام اللبناني؟
وهل الحكومة قادرة فعلا على دعم لبنان واللبنانيين؟!
وهل ستستطيع الحكومة اللبنانية وقف الانهيار وخفض الدولار ومنع الاحتار ومراقبة الأسعار؟!
أسئلة كثيرة تراود كل لبناني تبقى رهينة الأيام المقبلة، بانتظار وترقب أي إنجاز ستقوم به حكومة متأخرة عن ولادتها!