يبدو جليّا أنّ التطوّرات الدولية من فيينا الى أوكرانيا وضعت لبنان على الرفّ. فجُمّدت كلّ المساعي وكلّ الملفّات بإنتظار تبلور أيّ مُعطى دولي يحرّك الامور بإتجاه أو بآخر.

هذه هي حال الإنتخابات النيابية وملفّ استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردنّ والذي كان مُقرّرا البدء به في آذار الحالي، وصولا الى ملفّ ترسيم الحدود البحرية الذي بات يشكّل الممرّ الإلزامي لحلحلة باقي الملفّات، لسبب واضح أنّه الأهمّ من بينها بنظر واشنطن والمجتمع الدولي ويتفوّق بالتأكيد على ملفّ الإنتخابات النيابية.

حتّى الساعة، لا شيئ أكيدا والإحتمالات مفتوحة على أكثر من إتجاه. تقنيا، الإنتخابات ستجري في موعدها. ويبقى احتمال التأجيل قائما ربطا باعتبارات عدة، ليس أقلها الاستنكاف السني. ولكنّ السؤال الأبرز ماذا بعد الإنتخابات وسط تنامي الحديث عن حاجة لبنان الى رعاية دولية تقود الأطراف الأساسيين الى حوار حول طبيعة النظام والتعديلات الكفيلة بفرض استرخاء سياسي بعد فترات متلاحقة من الأزمات التي غالبا ما تستند الى طبيعة النظام المُعقّدة والنصوص الدستورية الغامضة التي تفتح المجال واسعا أمام سلّة من الإجتهادات.

لا يمكن للبعض أن يقرأ العزوف السنّي عن المشهد السياسي وعن المشاركة في الإنتخابات ترشيحا حتّى الساعة، إلا من ضمن ما وصل إليه النظام السياسي من خلل يستوجب إعادة النظر. وهنا تقرأ أوساط مُتابعة لامبالاة دولية مُستجدّة باستحقاق الإنتخابات النيابية نظرا الى أنّها لن تفرز تغييرا حاسما لا بل إنها قد تشدّ أزر حزب الله وحلفائه وتعيدهم أقوى الى الساحة السياسية.

وبناء عليه، تضيف الاوساط، قد يكون مفيدا من وجهة النظر الغربية تأجيل الإنتخابات وإن تقنيا لبضعة أشهر ترسم في خلالها خريطة لحلّ لبناني شامل يبدأ بالإنتخابات ولا ينتهي بها بمعنى أنّه سيُستكمل بالبحث في مخارج باتت ضرورية للأزمات اللبنانية المتلاحقة. تصوّر قد يعيد بحسب الأوساط الإنخراط العربي في الوضع اللبناني بعد فترة قطيعة مؤلمة.

يُقال في الكواليس إنّ فرنسا تضطلع بدور أساسي بالدفع الى عقد هكذا مؤتمر بالتعاون مع الممكلة العربية السعودية ومصر. حتّى الساعة، لا شيئ ملموسا ولكنّ الاكيد أنّ الحرب الروسية في أوكرانيا التي فرضت إيقاعها على مفاوضات فيينا وفرملت الإعلان عن العودة الى الإتفاق النووي، جمّدت بشكل غير مباشر الملفّات اللبنانية. فهل يطول ستاتيكو الإنتظار؟ وهل تجري إنتخابات كان يراها الغرب مصيرية في ظل إحتدام المشهد الدولي وابتعاد التسويات؟