ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
كيف أُحبّبُ اللّغة العربيّـة إلى طلبتـي؟
السبت 12 11 2022 13:35
علي مرعي
جنوبيات
تُؤكّـد الأبحاث التّربويّة والمُـمارسـة العمليّة أنّ الطّلّاب لا يُقبلون على التّعلّم بجدّيّة واهتمام إلّا إذا أحبّوا المادّة التي يتعلّمونها، وهذه المحبّة تتعمّق باستمرار كلّما نجح المعلّم في تعزيز الاتّجاهات الايجابيّة للطّلبة نحو المادّة التي يُعلّمها. وإليكم بعض الاقتراحات التي تُساعد معلّمَ اللّغة العربيّة على تقريب اللّغة إلى وجدان الطّلبة:
1- من الضّروري، أيّها المعلّم، أن يشعر الطّلبة بحبّك للّغة العربيّة وعشقِك لها وتقديرِكَ لمكانتها وشغفِك بتدريسها، وأن يروا ذلك ظاهرًا في سلوكك اللّغويّ؛ فيسمعون اللّغة الجميلة تجري على لسانك خفيفةً طيّعةً، فيها لمسة بيان ورنّة موسيقى.
2- الطلّاب ينبهرون عادةً أمام الإبداع والتّجديد، ويتفاعلون بحماسةٍ مع الأمور غير التّقليديّة، وغالبًا ما يقلّ تفاعلهم مع الأمور المألوفة والمُكرّرة. ومن هنا، فإنّ تطوير مهاراتك الإبداعيّة في تدريس اللّغة العربيّة أمرٌ في غاية الأهمّيّة، وإن تجديدك المُستمرّ في طرق تدريس اللّغة العربيّة أولويّةٌ قصوى لجذب انتباه الطّلبة وإدامة محبّتهم لها.
3- لا تكن جامدًا في تعليم اللّغة وفروعها، فالطّلبة يُحبّون المعلّم الأنيق الذي يمتاز بالرّوح المرِحة، والدُّعابة اللّطيفة، والفُكاهة الخفيفة، والوجهِ البشوش الضّحوك.
4- درّب نفسك على أن تكون لغتُك بسيطة ومأنوسـة مع شيءٍ من الرّقيّ، وذلك بأن تستخدم اللّغة الفصيحة القريبة إلى الأفهام، الغنيّةَ بالأساليب الجميلة والصّور المُشرقة، والمُفعمَةَ بالثّقافة الأدبيّة، واجعل لسانك ينطق بعيون الحِكم وجميل الأشعار. إنّ الطلّاب مُقلّدون بارعون لمعلّميهم، فإذا اتّخذوكَ قدوةً حسـنةً سارعوا إلى اقتباس مقولاتِكَ وسَـرت على ألسـنتهم بعفويّة.
5- أكثر من الحوار والنّقاش الهادف في الغرفة الصّفّيّة، ولا ترفض المُداخلات غير الفصيحة، فاختلاف مستويات الطّلبة يُفضي بعدم قدرة بعضهم على التّحدّث بالفصحى بصورة متّصلة. لهذا، دعهم يعبّرون عن فكرتهم بمنتهى الحرّيّة، ثمّ اطلب منهم بعد ذلك إعادة طرحها باللّغة الفصحى، وساعدهم على تعديل بعض الصّيغ وإثراء بعض الأساليب.
6- يجب إدراك مدى أهمّيّة الأمثلة في تقريب المفاهيم، فالطّالب قد يتذكّر القاعدة بقدر تذكّره للمثال الذي يرتبط بها، وكلّما كان المثال واقعيًّا كان تذكّره أطولَ مدى.
7- إنّ توافر عنصر التّشويق أمر مهمّ في حصّة اللّغة العربيّة، ويُنصَح بتوظيف المسابقات الأدبيّة والألعاب اللّغويّة بصورة دوريّة. إنّها توفّر للّغة حيويّتها ومرونتها، كالكلمات المتقاطعة، ولعبة المترادفات والأضداد، والمُساجلات الشّعريّة، والإبداعات الشّخصيّة في تأليف الجمل والفقَر. إنّ الأجواء التّنافسيّة التي تُشيعها بينهم ستجعلهم يترقّبون قدومكَ إليهم على أحرّ من الجمل.
8- اجعل منهاج اللّغة العربيّة طيّعًا بين يديكَ، لا تتعامل معه كأنّه كتلة صمّاء أو آلة خرساء، وظّفه بشكلٍ تفاعليّ يتلاقى مع اهتمامات الطّلبة وحاجاتهم، عالج ضعفهم من خلاله، ولا تربط تعليم المادّة بالعلامة وإنّما بالحياة.
9- اجعل من تعليم النّصوص الأدبيّة فرصة لإضفاء المرح والمِتعة، ووسيلة لتهذيب الذّوق، وتغذية الخيال.. دعهم يُحاكمون الأفكار، وينقدون الآراء، ويُمثّلون الأدوار، ويتفاعلون مع موسيقى الكلمات وجرس الحروف ونبرة الأساليب ونغمة الإيقاع. نمِّ فيهم القدرة على تتبّع جمالِ اللّغة في النّصوص.
10- حذارِ أن تُقدّم فروع اللّغة كالقواعد والصّرف والتّدريبات اللّغويّة بصورة جافّة ومُملّة. عليكَ أن تبتكر طرقًا تطرح عنها الجمود، وتضخّ فيها الحركة، وتقوّي فيهم الرّغبة في الاكتشاف والبحث والتّقصّي والتّحدّي. وإيّاك أن تُسهب في عرض التّفريعات والجزئيّات. إنّ الطّلبة يبتعدون عن التّفاصيل المُرهقة التي تذهب برونق اللّغة.
11- لا تُهمل التّكنولوجيا الحديثة والوسائل المُساعدة، فإنّها تُقرّب اللّغة إلى حياتهم وواقعهم، كأن تُوظّف المقاطع المرئيّة في عرض حياة أديب ما، والتّسجيلات الصّوتيّة لمُحاكاة قصيدة، إنّ هذه الوسائل تُزيل عنهم الملل، وتُجدّد نشاطهم، وترتقي بأدائهم.
12- اجعل من حصص التّعبير فُسحةً لاكتشاف إبداعات الطّلبة، وأشعِل المنافسة بينهم، وانشر لهم كتاباتهم على صفحات التّواصل واللّوحات الجداريّة وشّجعهم على قراءتها أمام زملائهم. وما أجمل من أن يكون لكلّ منهم كرّاسةٌ يدوّن فيها أحداث يومه بانتِظام.
13- لا تعلّم اللّغة وكأنّها وحدات منفصلة عن بعضها بعضًا، فالطّلاب يحبّون أن يشعروا بنسيج اللّغة ووحدتها وتآلفها، يحبّون أن يسمعوا ويقرأوا ويكتبوا ويُعبّروا ويتحدّثوا... ولا تقف كثيرًا عند الأخطاء، فمع مرور الزّمن سيتقوّم لسانهم ويشتدّ قلمهم. فمحبّة اللّغة سابقة لإتقان اللّغة.
14- اجعل المواقف التّعلّميّة مواقفَ إنسانيّة، يشعرون فيها بالتّقدير والتّشجيع والتّعزيز، فهذا ممّا يُحفّزهم للمواصلة والمُتابعة. وذكّرهم باستمرار أنّ لغتنا العربيّة هي تاريخُنا وهويّتنا وعمادُ حضارتنا.