على غير عادتها، ووسط انهماك العاصمة السورية في تضميد جراحات الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط (فبراير ) الجاري، والذي تردد صداه واسعاً في جميع أنحاء العالم، قامت طائرات إسرائيلية بتنفيذ غارة، ليل السبت الأحد، تضمنت للمرة الأولى منذ فترة طويلة استهداف مبنى سكني وسط حي كفرسوسة الدمشقي الذي يعد من أفخم أحياء العاصمة السورية، ويكتسب أهمية خاصة كونه يحتوي على عدد كبير من المقار الأمنية والعسكرية.
 
وفور وقوع الغارة التي أسفرت عن مقتل ما يقارب 15 شخصاً بين مدني وعسكري، وفق إحصاء "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، برزت تكهنات كثيرة حول طبيعة البناء السكني الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية، وحقيقة الأهداف التي أثارت شهية إسرائيل لتنفيذ هذه الغارة النادرة.
 
وكانت النقطة التي تلاقت عندها جميع التكهنات هي أن الهدف لا بد أن يكون تابعاً للحرس الثوري الإيراني، وأنه يتمتع بأهمية كبيرة جعلت إسرائيل لا تبالي بردود الفعل المحتملة على توقيت غارتها الذي جاء في خضم انهماك عالمي لاحتواء تداعيات الزلزال المدمر.
 
ونظراً لأن الجنرال إسماعيل قآني قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الإيراني" موجود في سوريا منذ اليوم التالي لوقوع الزلزال، حيث قام بجولات تفقدية شملت حتى الآن كلاً من حلب واللاذقية، لم يستبعد بعض المراقبين أن يكون على قائمة الأهداف المحتملة للغارة الإسرائيلية.
 
فيما ذكرت مصادر سورية معارضة أن البناء المستهدف كان يشهد اجتماعاً هاماً لحركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية، وأن من بين الحضور في الاجتماع كلاً من زياد نخالة زعيم الحركة، وإسماعيل قآني زعيم "فيلق القدس"، ولكن لم يتسنّ لـ"النهار العربي" التأكد من صحة هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
بدورها، أشارت مصادر أخرى إلى أن طابقين في البناء كانا يستخدمان كمدرسة خاصة إيرانية، كان يجري استخدامها للتمويه على وجود بعض الشخصيات الإيرانية الأمنية الكبيرة في دمشق، لافتة إلى أنه من المتوقع أن تكون إحدى هذه الشخصيات هي المستهدفة بالغارة الإسرائيلية.
 
وتعود ملكية البناء المستهدف إلى رجل الأعمال فاضل بلوي، مالك شركة الفاضل للحوالات المالية المرتبطة بـ"حزب الله"، وفق تقرير صدر عن شبكة "صوت العاصمة" المعارضة.
 
وذكرت مصادر "صوت العاصمة" إن الضربة استهدفت بشكل رئيسي كراج السيارات والغرف تحت الأرضية للبناء، وتسبب بدمار كبير في الكراج والطوابق الأربعة الأولى.
 
ويقع المبنى المستهدف خلف المدرسة الإيرانية في حي كفرسوسة وسط العاصمة دمشق.
واضافت إن عائلة البلوي المرتبطة بحزب الله والميليشيات الإيرانية تملك عدة مبان سكنية في الحي المذكور.
 
ورجحّت المصادر أن يكون البناء الذي تم استهدافه يستخدم كمستودع ومركز دعم لوجستي للميليشيات.
 
وقالت مصادر "صوت العاصمة" إن 10 أشخاص على الأقل جرى انتشال جثثهم من المبنى المستهدف من قبل فرق الإسعاف، في حين قالت التصريحات الرسمية إن القصف تسببب بمقتل 3 أشخاص وجرح 15 آخرين.
 
وقال مراسلون تابعون للشبكة ذاتها إنّ أصوات خمس انفجارات عنيفة سمعت عند الساعة 12:30 منتصف ليلة الأحد في عدة مناطق من ريف دمشق، منها الموقع المستهدف في كفرسوسة ومقر عسكري تابع للواء 75 وجبل المانع في ريف دمشق.
 
وذكرت "شبكة السويداء 24"  أنّ الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت موقع رادار “تل المسيح” بالقرب من مدينة شهبا في ريف السويداء تزامناً مع القصف الجوي الذي استهدف العاصمة دمشق وريفها.
 
وأفادت مصادر أنّ الدفاعات الجوية في جبل قاسيون ومطار المزة العسكري حاولت التصدي للغارات بعشرات الصواريخ، منها سقط في مناطق متفرقة في دمشق وريفها.