بأقلامهم >بأقلامهم
التغيير أم التقليد...
التغيير أم التقليد... ‎الاثنين 14 07 2025 16:50 د.هبة المل أيوب
التغيير أم التقليد...

جنوبيات

يسعى الإنسان المعاصر جاهداً لمواكبة كل التغييرات المتسارعة التي تطال مختلف نواحي الحياة، التي باعتبارها مرتكزات اساسية للإنطلاق نحو مسارات جديدة من التطور والتجدد، والإنسان الذي يكون على أهبّة الإستيقاظ من رقاده يبدأ بإدراك ما يجري حوله بوعي متجدد ويقين ثابت، غير انه لا يسعى بالضرورة الى تغيير الواقع، بل الى تغيير نظرته إليه. فنحن لا نمارس الفلسفة جهاراً، بل نخوضها إنما خفية من حيث لا ندري في تأملاتنا الصامتة وانكساراتنا اليومية، الى ان نجد انفسنا وقد رفضنا، في دواخلنا، ما آل اليه الواقع من اعوجاج وتشوه.

كما لا يمكن لأي تغيير أن يكتمل دون وعي شامل بالمستجدات، وبالثورات الصامتة التي تعصف بالنفس البشرية، وما لم يكن الإنسان واع لها فلا يمكنه الوصول الى ما يطمح له، فقد أبحر العديد من العلماء في العلوم التطبيقية، وكل عالم كان له البصمة والأثر في الكشف عن جانب جديد أضاء الطريق لما بعده من باحثين.

ان الإكتشافات دليل على الجهد العقلي الذي يبذله العالم، ودليل على الحرص بالإجتهاد والعمل الدؤوب والتفكير المثمر، لذا لا يمكن الوصول أو السير نحو عالم أكثر ابداعاً إلا بالإعتماد على تغيير العقلية والذهنية التي كانوا عليها آباءنا، اي الثورة على الموروثات التي اخذت حيّزا كبيراً من تفكيرنا ونحن نمشي في طريق لا نرى فيه سوى التقليد وبالتالي الإكتفاء لما نحن عليه.

ان الإنقلابات التي شهدها العالم من حولنا تعدّ ثورة على الموروث، ومحاولة لتغيير المسارات الفكرية الجامدة التي طالما دفعت المجتمعات نحو التقليد الأعمى وتعطيل ملكة النقد، فمواربة المسار وابتداع اتجاهات جديدة لا يكونان إلا انعكاساً لرؤية مضادة لما هو متعارف عليه من الجماعة الإجتماعية المتوارثة، فالإبتداع يختلف عن الإبداع، فالإبداع ينطلق من جوهر الروح لينفذ الى العمق، حيث يكشف الطريق نحوالهداية ويقود الى منهجية سليمة ومثمرة في الحياة الإنسانية.

فهل كل عالم يسعى الى الإبداع قادر على أن يرى ما يجري  حوله برؤية موضوعية؟ أم انه يكتفي بما هو مطروح امامه من نظريات لا تزال قيد التطوير والتحديث، دون أن ينفذ الى عمقها وجوهرها الذي يشكل المنطلق الحقيقي لأي تغيير؟

المصدر : جنوبيات