بأقلامهم >بأقلامهم
تعديل مصطلح حل الدولتين والدولة الواحدة
جنوبيات
عند استماعي لبرنامج حديث الساعة، لفتني ما قاله أحد الضيوف وهو د. فوزي السمهوري حول أنه لا يجوز أن يسمّى أحد الحلول حل الدولتين، وذلك لأنّ "إسرائيل" قائمة وموجودة ومعترف بها، وما ينقص هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، الأمر الذي دفعني للتفكير بذلك، وأعتقد أنّ كلامه دقيق، فحل الدولتين يعني وكأنه لا يوجد أيّ من الدولتين، والحل هو إقامتهم، ولكن الواقع غير ذلك، وبالتالي علينا أن نجد تعبيراً آخر لاعتماده، بل وفرضه على المجتمع الدولي، غير هذه التسمية، وفي هذا السياق أقترح أن يكون المسمى هو حل (إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67). أمّا الحل الآخر المطروح، أعتقد أنه يحتاج إلى تعديل أيضاً ليصبح أكثر دقّة، وأقصد "حل الدولة الواحدة، والسبب في أنه غير دقيق، هو أنه لا يحدّد ولا يعرّف ولا يدل على ماهية هذه الدولة المقترحة، ولمن ستكون السيادة عليها، هل هي فلسطينية أم إسرائيلية، هل المقصود أن يكون الفلسطينيون مواطنين في دولة الكيان المسماة "إسرائيل" أم أنّ المقصود هو أن يكون الإسرائيليون مواطنين في دولة "فلسطين".
قد يعتقد البعض بأنّ مفهوم الدولة الواحدة واضح ضمنياً، فالطرح الذي يتبناه الفلسطينيون هو مفهوم الدولة الفلسطينية الديمقراطية الذي طرح قبل عقود من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ومن قبل حركة فتح. أما بالنسبة للإسرائيليين، فالمفهوم ضمنياً حسب طرحهم، هو أن تكون الدولة هي "إسرائيل" وأن يعيش الفلسطينيون فيها إما كمواطنين أو كمقيمين، لذا، لا يوجد إجماع على تعريف هذا المفهوم.
لقد سألت عدد من السياسيين حول مفهوم الدولة الواحدة، لأجد أنّ المفهوم غير واضح لدى الأغلبية، حيث أنّ منهم من التزم الصمت ولم يجبني، وتفسيري لذلك هو أنهم فعلاً مرتبكون حول هذا المفهوم.
لا بد لنا من دق جرس هذا المفهوم "حل الدولة الواحدة" والذي من الممكن أن يكون هو الحل الوحيد المطروح، في ظل ما تقوم به إسرائيل من تهجير وإبعاد وتطهير عرقي وأعمال استيطانية لتثبيت وجودها على الأرض، بحيث يصبح إقامة دولة فلسطينية على حدود حزيران 67 غير ممكناً ضمن المعطيات.
الشيء الوحيد المتفق عليه في مفهوم الدولة الواحدة هو أنها دولة ثنائية القومية، أيّ أن يكون هناك مجتمع متعدّد العرقيات أو الديانات.
الأصل أن تكون لهذه الدولة المنظورة هوية وطنية، وهي الدولة الفلسطينية، بحيث يكون سكانها من العرب الفلسطينيين (السكان الأصليين)، وأن يكون هناك سكان يهود وأن تضم الأكراد والدروز وأيّ قومية أو إثنية أخرى موجودة، بحيث يكون للجميع حقوق مواطنة كاملة، وأن يكون هناك مساواة في الحقوق والواجبات.
أما الجانب السياسي، يكون هناك توزيع عادل في التمثيل السياسي في المؤسسات التشريعية بناء على العدد، بحيث تعبّر به الأقليات عن مصالحها وعن همومها، ويعكس هذا التمثيل يعكس خصوصية الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة، التي من المفترض أن يعيش الأقلية اليهود في ظل سيادتها، وبحيث يحافظ كل طرف على ثقافته.
وانطلاقاً من أهمية المصطلحات وصياغة العبارات، يجب أن يكون اصطلاح حل الدولة الواحدة أكثر دقة، وهو (حل الدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة)، بحيث يفهم أنه لن يكون هناك دولة أخرى على الأرض المحتلة من النهر إلى البحر.
وبما أننا ندرك جيداً أنّ الإسرائيليين لن يقبلوا بهذا الحل، لأنها يريدون دولة يهودية تكون جميع العناصر الأخرى فيها ثانوية، تجود بهم النخبة السياسية الحاكمة ذات السلطة الواسعة بما تجود من حقوق، وهذا أيضاً لا يقبل به الفلسطينيون الذين من المرشح أن يتجاوز عددهم داخل 48 والضفة وغزة والشتات عدد اليهود في إسرائيل، هذا يجعلنا ندور في حلقة مفرغة عند التحدث عن خيار الدولة الواحدة، ويجعلنا نستمر في الدوران في فلك البديل الآخر الذي قوّضته إسرائيل وهو حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67، ونظراً لهذا التقويض، لا بد لنا أن نعود إلى المطالبة بقيام الدولة الفلسطينية وفقاً لقرار التقسيم (181)، والذي كان تطبيقه أحد شروط قبول إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة عند إنشائها بعد اغتصاب فلسطين، بالإضافة إلى تطبيق القرار (194) الخاص بعودة اللاجئين، بمعنى علينا رفع السقف بمطالبنا في حقنا في إقامة دولتنا الفلسطينية لتكون على 44% من أرض فلسطين بدلاً من 22%، وعلينا عمل كل ما هو ممكن والضغط باتجاه تطبيق هذا الخيار، وعليه أقترح أن يعدّل مصطلح خيار "حل الدولتين" إلى مصطلح "إقامة الدولة الفلسطينية وفقاً للقرار 181).