لبنانيات >أخبار لبنانية
الحكومة جامعة.. وحصة المواطن "حقيبة السفر"!
الحكومة جامعة.. وحصة المواطن "حقيبة السفر"! ‎الاثنين 29 10 2018 10:57
الحكومة جامعة.. وحصة المواطن "حقيبة السفر"!

جنوبيات

إذا صحت المعلومات التي ترشح من المقار الرسمية، فقد ارتسمت ملامح الحكومة العتيدة، وينتظر أن تثمر الجهود خلال الساعات القليلة المقبلة ولادة حكومة العهد الأولى، كما يحلو للبعض تسميتها، بعد أشهر من جولات المناقشات والمفاوضات والمشاورات لإنجاز توزيع الحصص والحقائب وفق الأحجام والأوزان، حيث اضطر البعض إلى القبول، مكرهاً، بما لا يتناسب مع حجمه ووزنه وتمثيله!

في الخلاصة، انتهى النقاش بجنس الملائكة ووصلت لحظة "الولادة شبه القيصرية" لحكومة جامعة، أو حكومة بمن حضر، مع ترجيح الخيار الأول، فأغلب الظن أن الجميع، دون استثناء، يريد الدخول إلى جنة الحكم ونعيم السلطة، أما واجب المعارضة، على أهميته في أي نظام ديموقراطي، فما عاد سوى فلكلور لا أكثر.. وباتت حصة المواطن المطالبة بحقيبة سفر هرباً من واقعه المرّ.

فعلى امتداد عمر التكليف، وخلال كل المشاورات التي كان يجريها الرئيس المكلف، بدا أن غالبية الأطراف السياسية لا تقارب مسألة الحكومة من منظور الاستحقاقات الداهمة، وطنياً ومالياً واقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً، بل من منظور ذهنية الربح والخسارة، ودسامة الوزارة من عدمها، في وقت أن واحدة من أبرز مشكلات لبنان، وهو البلد المنهك لدرجة توقع الاسوأ في كل لحظة، أن لا معارضة حقيقية وذات حيثية ومصداقية ورؤية ومشروع.

وبعيداً عن الملاحظات والتمنيات، لا مناص من التشديد على أن أولى واجبات الحكومة التي يتطلع إليها اللبنانيون، كل اللبنانيين، وقف الانهيار السريع والانزلاق نحو المجهول، فالوقت ليس لترف الكلام والمناكفات، بمقدار ما هو للعمل والانجاز.

ثانياً: مواكبة نتائج مؤتمرات المساعدات الدولية، وفي مقدمها "سيدر"، لناحية المضي بانجاز التعهدات اللبنانية بتفعيل مكافحة الفساد وتعزيز الإصلاحات من خلال التشريع وتحقيق نمو يكفل بوضع المالية العامة على سكة التعافي. والواقع أن من حق المجتمع الدولي والجهات المانحة أن تسأل عن كيفية استخدام الدعم المالي الذي يقدمونه للبنان، سواء أكان الدعم للجيش والأجهزة الأمنية أم للنازحين السوريين أم للاقتصاد الوطني. وأن يسألوا تبعا عن مصير ما منحوه سابقاً في مؤتمرات مشابهة، وهل صحيح أن كل ذلك – كبقية المنح والهبات – غرق في مزاريب الهدر والفساد، وأين هي الاصلاحات التي يتم الحديث عنها قبيل كل مؤتمر للدعم أو لقاء للمانحين، فيما لم ينفذ منها شيء بالرغم من أهميتها للوضعين المالي والاقتصادي للبنان.

وما يصح على المسألة الاقتصادية، يسري حكماً على المسألة السياسية لناحية مدى التزام لبنان سياسة النأي بالنفس، خصوصاً وأن هذا البند هو الرافعة التي قامت عليها أوراق لبنان للجهات المانحة، والتزام لبنان بهذا البند الحساس والمركزي بالنسبة للمجتمع الدولي، لا يعني تماهياً مع مصالحه الوطنية والعربية فحسب، بل صون لأمنه الوطني وعلاقاته بالعالم العربي والعالم الأوسع.

ثالثاً: يعلم الجميع أن الموجة الثانية من العقوبات الأميركية على ايران تدخل حيز التنفيذ بعد ايام قليلة، وأن الرئيس الأميركي وقّع قانون عقوبات جديد على "حزب الله" ودخل حيز التنفيذ من ايام، وكل ذلك يستوجب، من "حزب الله" قبل غيره من المكونات والأطراف، وهو الداخل بفعالية وحصة وازنة إلى الحكومة هذه المرة، جعل الحكومة العتيدة حكومة التفاف وطني، وتقديم الاعتبارات الوطنية على كل الحسابات الأخرى، فاللعب مع المجتمع الدولي ليس مزحة أو تلاعباً على الكلام على الطريقة اللبنانية.

إذا سلمنا، بصعوبة الأوضاع، فلا بدّ من التفكير باستنقاذ ما يمكن انقاذه من الدولة والمجتمع، ولا بد من الاستثمار بالمستقبل؛ مستقبل السلم الأهلي، والأمن والاستقرار، وانتظام المؤسسات والحكم الرشيد، والعلاقة الحسنة بين النظام والشعب، وبين النظام وأشقائه وأصدقائه. لا يمكن القبول باستنزاف البلد حتى نقطة الفشل والإفلاس، وهذا ما ينتظره اللبنانيون من حكومتهم العتيدة.