بأقلامهم >بأقلامهم
"بائع الحليب، والمثل العجيب"!
جنوبيات
إنها قصّة مثل اخبرنيها جدّي لوالدي الشاعر والأديب السيّد محمد الحلو "طيب الله ثراه".
يقول هذا المثل:
"مال الحليب للحليب، ومال الماء للماء"!
إنّه مثل عربيّ قديم يتداوله الكثيرون من دون معرفة أسبابه وكنه وجوده.
فما هي قصّة هذا المثل؟
إنّها قصّة رائعة والحكمة منها أروع.
يُحكى أنّ رجلًا كان يبيع الحليب، وأنّ بيعه من النّوع الجيّد غير المغشوش. وكان لديه زبائن كُثر يثقون به لجودة الحليب الذي كان يبيعه.
وفي يوم من الأيّام قرّر البائع (وفي غفلة الضّائع) زيادة ربحه اليوميّ، فزاد الماء على الحليب وباعه، فلم ينتبه زبائنه للحليب، لأنّهم يثقون به. وكان ربح البائع في ذاك النهار ضعف ربحه اليوميّ.
وفي طريق عودة البائع إلى منزله، أخذ التّعب منه منزلة، فقرّر أن يرتاح تحت ظلّ شجرة بالقرب من النّهر. ووضع كيس النّقود على الأرض. فإذ بقرد يغافله ويأخذ الكيس. فأخذ البائع يتوسّل إلى
القرد ليعيده إليه بيد أنّ القرد
فتح الكيس وأخذ يرمي بقطعة من النّقود للبائع وقطعة أُخرى للنّهر حتّى فرغ الكيس.
تفاجأ البائع عند عدّه للنقود التي رُميت إليه، إذ كانت بمقدار ربحه غير المغشوش.
فضحك البائع (ضحكة ممزوجة بالدّهشة) وقال هذه المقولة
التي صارت مثلًا يُتداول: (مال الحليب للحليب ومال الماء للماء).
ماذا لو أجرينا إسقاطًا لهذا المثل على بعض التجّار الفاسقين والمتخاذلين، والمحتكرين والغشّاشين، لوجدنا حتمًا أنّ هذا المثل يأخذ منحى دراماتيكيًّا، بحيث يُقال: التجّار فجّار، ومالهم سيحرقهم بإذن القويّ الجبّار .
فهل من يتّعظ؟!