أمن وقضائيات >أمن وقضائيات
وقائع لم تكشف.. كيف اُسقط "هجوم الكوستا"
الخميس 26 01 2017 09:47عبدالله قمح
من المتوقع مثول "إنتحاري الموت" الذي كان ينوي إستهداف مطعم الكوستا في شارع الحمرا، على قوس المحكمة، في اليومين المقبلين، ومعه سيُكشف الكثير من اللغط وما جرى تداوله إعلامياً حول تفاصيل عملية توقيفه متلبساً، حيث سيكون مثول الانتحاري على القوس بمثابة "الصدمة" بالنسبة إلى جميع من كتب إفتراضات غير واقعية حول العملية ومسار إحباطها وشكّك وجرّح وأوجع في مكانٍ ما.
الإنتحاري الذي يتراءى للبعض تصويره بمثابة "الضحية" دون الأخذ بالإعتبار كل المخاطرة التي كانت محدقة من حيث أهدافه ومن أحبطها، يظهر وفقاً لمعطيات جديدة حصل عليها "ليبانون ديبايت"، أنه كان "مصمم على تنفيذ العمل الإرهابي في الكوستا" وإن الإدعاء بأن جلوسه في المقهى كان يندرج تحت خانة "محطة الإستراحة لنقله إلى الهدف المراد تفجيره "غير واقعية ولم تثبتها الإعترافات المقدمة من الانتحاري نفسه".
بطبيعة الحال، يستحيل على القوى الأمنية أن تعلن عن طريقة وحيثيات وإسلوب كشفها لمخطط الإنتحاري وكيف علمت به وكيف واكبته، لكن ما يمكنها نشره وتأكيده أن العناصر الذين كلفوا بالمهمة لم يكونوا يعرفون من الإنتحاري سوى مخططه، والثغرة التي كشفته في تلك اللحظة التي كانت مفعمة بشد الأعصاب والإرتياب تبقى سراً من أسرار العمل الأمني، الغير مرتبط لا بهاتف ولا بتعقب، بل في عقل أمني كان واعٍ ودقيق، إستطاع معرفة الهدف والإنقضاض عليه خلسةً ودون ترك أي مجال صغير للخطأ.
لن نغوص في تلك الوقائع التي تبقى "أسرار أمنية" لا تكشفها مديرية المخابرات ولا فرع المعلومات كونها "عناصر قوة" بالنسبة إليهما، بل تكشف المصادر الأمنية أن الانتحاري كان ينتظر لحظة الذروة حتى يقوم بتفجير نفسه.. المؤكد في المعلومات الأمنية، أن "عمر العاصي إستطلع هدفه في بحر الإسبوع وقت يكون المقهى مكتظاً. وجد فيه هدفاً دسماً كونه يأوي بين جدرانه صحافيين وكتاب ونخب وناس عاديين، ربما لم يخطر في بال الإنتحاري أن المكان يكون شبه خالٍ في عطلة نهاية الإسبوع، حيث الصحافيون في عطلة والناس تذهب إلى السهر في أماكن أكثر صخب ومرح وربما هدوء، فإعتماده على هذا التوقيت كان سبباً في فشل عمليته.
حضر الإنتحاري إلى المكان - الهدف. جلس على الطاولة. طلب قهوة flakers جلس قليلاً. لم يجد المكان مكتظاً. إستدعى النادلة وسألها عن عدم وجود زبائن، فلم تعطه جواباً شافياً. سأل عن وقت الذورة، فلم يجد ضالته في الجواب أيضاً. بدأ الإرتباك يظهر عليه وهو ما دفع للتردد في تنفيذ العملية. مرّت عشر دقائق دون أن يزداد عدد الحضور.
وجد الإنتحاري أن الرقم الموجود غير كافٍ، وفي غمرة إشتباكه العقلي بين تنفيذ الفعل من عدمه وإرتفاع نسبة الأدنرالين في الدم وتخيير نفسه بين "الظفر" بعدد قليل من الضحايا أو الإكتفاء بمن وُجد، إنقض عليه عنصرين من مديرية المخابرات ملتقطين يديه اللتان إرجعتا إلى الخلف واُنزل أرضاً، فبدأ الرفص بكلتا قدميه محاولاً النفور وتفليت نفسه، في هذا الوقت كان الخبير العسكري وعدد من العناصر قد وصلوا إليه موجهين ضربات عدة على رأسه والهدف إفقاده توازنه لتسهيل عملية تفكيك الحزام وهذا ما كان.
سُحب الإنتحاري وتوجه العناصر به إلى مديرية المخابرات. هناك، لم يخفِ الإرهابي الإنتحاري أنه "مدرك بكامل وعيه لما أراد أن يفعله منطلقاً من معتقداته بالضبط" لا بل جاهر بأحقية وصوابية ما يقوم به، وبأنه كلف من الرقة تنفيذ "العمل الإستشهادي". سيمثل الإنتحاري بعد يومين أمام قوس المحكمة، حيث سيخرج كل ما في صدره من تفاصيل العمل الذي كان ينوي القيام به. لن يخجل في بوح كل التفاصيل كونه يمتلك إيماناً عميقاً بما كان يصبو إليه.. ستكشف الوقفة تلك الكثير من الغموض الذي إكتنف القضية، وستسقط الكثير من الأقلام التي وجهت طعنات جارحة عدة لجسد ضحى من أجل إنقاذنا من "سبتٍ دامٍ مشابه لسبت إسطنبول".