بأقلامهم >بأقلامهم
"كتاب الله .. ونقاء القلب"
جنوبيات
"هذه القصّة الرّائعة والهادفة اخبرنيها والدي رحمه الله وجعل مثواه الفردوس الأعلى من الجنّة".
يُحكى أنّ رجلًا كان يقرأ في كتاب الله بصورة مستديمة، ولكنّه لم يحفظ منه شيئًا من كبار السّور.
وذات يوم سأله ابنه الصغير:
ما الفائدة من قراءتك للذكر الحكيم بدون أن تحفظ منه شيئًا؟ ويُستثنى من ذلك السّور الصغيرة التي تقرأها أثناء صلاتك.
فأجاب الوالد "بنظرة حنان":
سأخبرك لاحقًا إذا ملأت سلّة القشّ هذه من ماء البحر.
فردّ الابن: مستحيل أن أملأها!
فقال له: حاول على الأقلّ.
وكانت السّلّة تُستخدم لنقل الفحم، فأخذها الابن البارّ واتّجه بها إلى البحر وحاول ملأها وركض بسرعة نحو أبيه، بيد أنّ الماء تسرّب منها، فخاطب والده قائلًا: لا فائدة من تعبئتها.
إلّا أنّ الأب ردّ عليه: حاول مرّة أُخرى ففعل ولم ينجح بإحضار الماء، وكرّر المحاولة عدّة مرّات ولم يفلح، إلى أن اعتراه التّعب وقال لأبيه:
لا جدوى، لا يمكن أن نملأ السلّة بالماء.
عندها قال الأب لابنه:
ألم تلاحظ شيئًا على السلّة؟
هنا تنبّه الابن وقال: نعم يا أبي، لقد كانت متّسخة من آثار الفحم، والآن أصبحت نظيفة تمامًا.
فردّ الأب بقلب عامر بالإيمان: وهذا تمامًا ما يفعله كتاب الله بقلبك. فالدّنيا بمتحوّلاتها قد تملأ قلبك بأدرانها، وكتاب الله ينظّف صدرك وينقّي قلبك وينعش روحك حتّى ولو لم تحفظ منه شيئًا.
صفوة القول،
لا تجعل من عدم قدرتك على حفظ كتاب الله حائلًا لعدم قراءته. كما لا تترك للوسواس الخنّاس مدخلًا يبعدك عن القراءة. فأجر القراءة ثابت ولو لم تحفظ. فدوام القراءة والتمعّن في آيات الله يجعلان القلب مطمئنًّا، والصّدر مشروحًا، والنّفس راضية، والرّوح عامرة ومعطّرة بفضل الله وعطائه الدّائم.