بأقلامهم >بأقلامهم
"نستميحك عذرا"!
!["نستميحك عذرا"!](../../../images/date.gif)
![](https://janobiyat.com/upload/writer/writer_img/1/writer_1_1660121457.33784ac5a76c58f9ff263788c00f0be0683.jpg)
!["نستميحك عذرا"!](https://janobiyat.com/upload/news/first_news_img/106955/news_106955_1714590079.45423a0baad0a1fe012c8a45ada98f4746dc.jpg)
جنوبيات
في معظم بلدان العالم، يحتفلون اليوم بعيد العمّال أو يوم العمل كما يقول البعض. إلّا أنّنا في لبنان الحزين، وفي هذه الظّروف الصّعبة والمِحَن العجائبيّة، يعدّ عمّالُنا هذا اليوم يوم القهر والخذلان، وتحكّم الإنسان بأخيه الإنسان.
لقد اختارت الأمم المتّحِدة هذا اليوم باعتباره مناسبة وطنيّة بامتياز لتكريم ضحايا ساحة "هيماركت" في شيكاغو حيث ضجّت الاحتجاجات والإضرابات العمّاليّة التي شهدتها المدينة عام 1886.
ويُعدّ الأوّل من أيّار يوم عطلة رسميّة في غالبيّة دُول العالم. وهو يومٌ مخصّصٌ لدعم العمّال والاحتفال بالنّضالات التي قاموا بتحقيقها على مدى سنوات طويلة من الكفاح والتّعب لتعزيز إمكانيّة العيش اللائق.
ولا تُعدّ الحوادث التّاريخيّة مناطًا لتكريم العامل، بل جاءت الشّرائع السّماويّة لتكرّس حقّ العامل والأجير وتعطيه كلّ حقوقه المادّيّة والمعنويّة. وليس بعيدًا عن هذا الواقع ما جاء في المقولة المميّزة، والتي يعتبرها البعض أثرًا شريفًا، ومفادها: "أعطوا الأجير حقّه قبل أن يجفّ عرقه".
أمّا في وطننا الموجوع والمفجوع بحكّامه الطّغاة فإنّ لهذه المناسبة طعمًا آخر ممزوج بالمرارة والقهر والحرمان.
وفي هذا المقام نستذكر شعر سيّد الشّعراء عبر التّاريخ العربيّ، وهو أبو الطيّب المتنبّي حيث يقول:
"عيدٌ بأيّة حال عدت يا عيدُ..
بما مضى أم بأمر فيك تجديدُ..
أمّا الأحبّة فالبيداء دونهم..
فليت دونك بيدًا دونها بيدُ".
نستميحك عذرًا أيّها الأمير إن عدّلنا في الكلام، ومثلك من يَعذرُنا، حيث يقول الشّاعر "المهول" :
"عيدٌ بأيّة حال عدت يا عيدُ..
وكلّ دربٍ إلى الحلول مسدودُ..
دعنا فليس في لبنانا فرح..
ولا أهلّة فيها تأتي المواعيدُ..
فكلّ بيتٍ غدا في حيّنا طللًا..
وكلّ خطوٍ إلى الأطلال مرصودُ..
الشّعب مذبوح على أعتاب ساسته
والحاكم الموجود للقهر موجودُ..
ماذا أقولُ وللرشّاش فوّهةٌ..
ترمي قتلاها، فالقنّاص عربيدُ..
فيا عيد لا تقترب منّا فليس لنا..
مع طغمة الفسّاد حلوى ولا عودُ..
كيف لا والكبت يغمر عمرنا..
والعمر مع زمرة الظلّام مفقودُ".
وعليه، فإنّ في غالبيّة بُلدان العالم يُسمّى العيد "عيد العمّال". أمّا في وطننا "المتعوس وخايب الرّجا" فإنّ اسمه "عيدُ الأهوال"!