بأقلامهم >بأقلامهم
"شكرا يا سيّدي"!
"شكرا يا سيّدي"! ‎الخميس 24 10 2024 08:35 القاضي م جمال الحلو
"شكرا يا سيّدي"!

جنوبيات

يقول شارلي شابلن (أشهر كوميديّ في تاريخ السينما): 

عندما كنت صغيرًا ذهبتُ برفقة أبي لمشاهدة عرض في السّيرك. وقفنا في صفّ طويل لقطع التّذاكر وكان أمامنا عائلة مكوّنة من ستّة أولاد والأمّ والأب، وكان الفقر باديًا عليهم؛ ملابسهم قديمة لكنّها نظيفة، وكان الأولاد فرحين جدًّا وهم يتحدّثون عن السّيرك. وبعد أن جاء دورهم تقدّم الأب إلى شبّاك التذاكر وسأل عن سعر البطاقة فلمّا أخبره عامل شبّاك التّذاكر عن سعرها تلعثم الأب وأخذ يهمس لزوجته وعلامات الإحراج بادية على وجهه. فرأيتُ أبي قد أخرج من جيبه عشرين دولارًا ورماها على الأرض ثمّ انحنى والتقطها ووضع يده على كتف الرّجل وقال له:
 لقد سقطت نقودك. نظر الرّجل إلى أبي وقال له والدّموع في عينيه:
 شكرًا يا سيّدي..
 وبعد أن دخلوا سحبني أبي من يدي وتراجعنا من الطّابور لأنّه لم يكن يملك غير العشرين  دولارًا التي أعطاها للرجل، ومنذ ذلك اليوم وأنا فخور بأبي...
كان ذلك الموقف أجمل عرض شاهدته في حياتي، بل أجمل بكثير من عرض السّيرك الذي لم أشاهده .
إنّها روائع الإنسانيّة على مدار سنوات العمر، الإنسانيّة التي لا دين لها...

محوريّة القصّة القصيرة التي حصلت مع شارلي شابلن هي أنّه مهما تكن ديانتك فهي صلتك مع ربّك، أمّا إنسانيّتك فهي صلتك مع النّاس. 
أُترك دينك بينك وبين ربّك، وأرِنا إنسانيّتك لأنّها هي التي تهمّنا.

حبّذا لو اتّعظنا، وكانت وطنيّتنا محور اهتمامنا للنّهوض بالوطن من كبوته. فلبناننا بحاجة إلى تعاوننا..
فهل من يلبّي النّداء؟!


 

المصدر : جنوبيات