بأقلامهم >بأقلامهم
"كن واعيًا في خطواتك"!
جنوبيات
لقد كان والدي رحمه الله يردّد على مسامعي هذه المقولة :
"مَن جرّبَ المجرّب حلَّت به الندامةُ".
وكان يتوجّه بالنّصيحة قائلا:
يا بُنَيّ، ليست وظيفتي أن أُبعد الشّوك عنك، فالشّوك يملأ الطريق دومًا، وأنا لن أبقى معك العمر كلَّه.
إنّ مهمّتي يا بُنَيّ أن أُعلّمَك كيف تتجنّب الشّوك في حياتك، وكيف تصبر على الألم، وكيف تُصبح قويًّا بعد كلّ إصابة. لن أستطيع أن أجعلَ حياتَك بلا ألم، فقد عشتُ الحياة بآلامِها... وقاومتُها.
يا بُنيَّ اسمع صوت الضّمير، وتوخَّ حسن التدبير، وأعطِ الأمور حقَّها بعمق التفكير.
الـحـيـاة ألـم وأمــل، دمــعــة وابـتـســامـة، نـور وظــلــمــة، مــنــح ومــحـــن... وقـد خـلـق الله لـنـا عـيـنـيـن اثـنـتـيـن لـكـي نـرى بـهـمـا الـجـانـبـيـن مـعًـا، ولـيــس مـن الـعـدل أن نـرى الـحـيـاة بـعـيـن واحـدة. فلـيــس مـن الـعـدل أن نـرى الألــم ولا نــرى الأمـــل... أن نـرى الــدّمــعــة ولا نــرى الــبــســمــة... أن نــرى الــظــلـــمة ولا نـرى الـنـّور... أن نــــرى الـــمـــحـن ولا نـــرى الــمــنــح...
سـيـقـنـع ويـرتـاح كـلّ مـن يــنــظــر إلـى حـيـاتـه بـالـعــدل.
يا بُنيَّ، إنّ ربّك ليس بظلّام للعبيد. فبـعـض الـدعــوات الـجـميـلـة قد لا تُـستـجـاب فـي حينها، ولـكـن الله لا يـنـسـاهــا فـيـعـطـيـك إيّـاهـا فـي الـوقــت الأجـمــل، ﴿ومـَا كــَانَ رَبُــكَ نَـسِـيــًّا﴾.
يا بُنيَّ، لا يُلدغ المؤمن من جحر مرّتين. فمَن جرّبَ المجرّب حلَّت به النّدامةُ، وابتعدت عن دربه السلامة، وعاش أبد الدهر في دوّامة.
كن واعيًا في خطواتك، لتصل إلى برّ الأمان، وتشعر بالطمأنينة أينما حللت وفي أي مكان.
إنّها يا ولدي نصيحة أب من لبنان...