بأقلامهم >بأقلامهم
"الرّاعي والسياسي"!
"الرّاعي والسياسي"! ‎الأحد 12 01 2025 17:51 القاضي م جمال الحلو
"الرّاعي والسياسي"!

جنوبيات

أخبرني صديق قديم قصّة طريفة في مبناها، ظريفة في معناها، ومفادها أنّه في هذه الأيّام الصّعبة التي نمرّ بها وما يرافقها من آلام على كلّ الصّعد، فوجئ راعي أغنام بسيّارة فارهة تقف بالقرب من قطيعه، ترجّل منها شابّ وسيم المظهر، حسن الهندام موجّهًا كلامه إلى الراعي قائلًا:
إذا قلت لك كم عدد القطيع الذي ترعاه، فهل تعطيني واحدًا منه؟
اندهش الرّاعي وأجاب:
 نعم، أعطيك.
عندها أخرج الشابّ جهاز الكمبيوتر المحمول من سيّارته وأوصله بهاتفه النقّال ودخل الإنترنت، وفتح موقعًا حيث حصل على خدمة تحديد المكان عبر الأقمار الاصطناعيّة (جي. بي. اس)، ثمّ فتح بنك المعلومات وحصل على تقرير أجرى في ضوئه حسابًا، والتفت إلى الراعي قائلًا:
"لديك 455 رأسًا من الأغنام، و 70 رأسًا من الماعز" (وكان ذلك صحيحًا). وبدهشة المتحيّر قال الراعي:
تفضّل واختر الشّاة التي تعجبك. دخل الشابّ بين القطيع وحام حولها ثمّ وقع اختياره على "بهيمة" فحملها ووضعها في صندوق السّيارة الخلفيّ.
عندها نظر إليه الراعي وقال:
أنت رجل سياسة؟
 فدهش الشابّ وقال:
نعم هذا صحيح، ولكن كيف عرفت ذلك؟ فأجابه الرّاعي:
الأمر في غاية البساطة وسأورده لك.
أوّلا: التطفّل على أملاك الغير والطّمع في أي فتات منها. فلقد أتيت إلى هنا من دون أن يطلب منك أحد بالمجيء.
ثانيًا: ادّعاء معرفة أي شيء.
ودليلنا على ذلك أنّك لم تستطع التّفريق بين الكلب والشّاة، ولم يعجبك من بين هذا القطيع إلّا الكلب!
لذا،
أرجو أن تخرج كلبي من صندوق سيّارتك لأنّه ليس خروفًا ولا تيسًا!

إنّها "حكاية الرّاعي مع السياسيّ" وما تحمله من مآسٍ، في زمن القهر والخذلان والنّفاق والحرمان، والكلّ إمّا غافل أو متناسٍ.

المصدر : جنوبيات