بأقلامهم >بأقلامهم
"خبرة اللصوص"!
"خبرة اللصوص"! ‎الثلاثاء 14 01 2025 19:43 القاضي م جمال الحلو
"خبرة اللصوص"!

جنوبيات

هذه القصة اخبرنيها خالي الأمير أمين الأيوبي "طيّب الله ثراه" وقد نشرتها على صفحتي في (الفيس بوك) منذ اكثر من ثلاث سنوات، ولعمق مغزاها ودلالتها على الواقع المعاش قمت بنشرها في هذا المقال بحلّة ترمز إلى مرارة ما يعيشه المواطن اللبنانيّ المسكين على كلّ الصّعد والمستويات الحياتيّة والبنيويّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والتربويّة والصحيّة والنفسيّة الى ما هنالك من أمور تعزز أوجه الاذلال المقيت، على أمل أن يشكّل العهد الجديد  بارقة خير لحياة افضل بإذن الله عز وجل.  

يُروى في الزّمن المعاصر أنّ لصّين دخلا أحد القصور لسرقته فوجدا خزنة حديديّة قام بفتحها أكثرهما خبرة وأكبرهما سنًّا بدون أن يحدث أي كسر فيها (وكأنّها فُتحت بمفتاح) إذ أخرج المال منها وجلس على الكرسيّ وقال للصّ الآخر "الشابّ المتدرّب":
أحضر لنا ورق اللعب.
 فقال اللصّ الشابّ:
لنهرب الآن ونلعب في بيتنا.
نهره اللصّ الخبير وقال:
"أنا القائد هنا" افعل ما أقول لك.
فأحضر الشابّ الورق وأخذا يلعبان، ووضعا ثلاثة من كؤوس الخمر على طاولة اللعب. وما هي إلّا لحظات حتّى طلب الخبير من الشابّ قائلًا:
افتح المسجّلة واجعل الصّوت عاليًا. امتثل الشابّ وصار يرتعد خوفًا لأنّه سيُقبض عليهما نتيجة هذه التصرّفات.
وفجأة حضر صاحب القصر وبيده المسدّس وقال:
 ماذا تفعلان هنا يا حثالة اللصوص؟!
لم يكترث اللصّ الخبير وقال لصاحبه الشابّ:
أكمل اللعب ولا تعطِ صاحب القصر اهتمامًا. واستمرّا باللعب فاتّصل صاحب القصر بالشرطة مستنجدًا. وما هي إلّا دقائق معدودة حتّى حضرت الشّرطة، فقال لهم صاحب القصر:
هذان اللصّان سرقا خزنتي وهذه هي الأموال التي سرقاها موجودة أمامهما على الطاولة.   
عندها قال اللصّ الخبير للشرطة:
هذا الرّجل كاذب فلقد دعانا إلى هنا لنعلب معه. وقد لعبنا فعلًا وغلبناه، ولمّا خسر أمواله أخرج مسدّسه وقال:
 إمّا أن تُرجعا لي  أموالي أو أتّصل بالشرطة وأقول أنّكما لصّان محترفان.

نظر الضّابط إلى الكؤوس الثلاثة والمال على الطاولة ونظر إلى جهاز الموسيقى بصوته المرتفع، وإلى وضعيّة لعبة الورق وعدم مبالاة الشّخصين لكلام صاحب المنزل.  
فقال لصاحب القصر:
 يبدو أنّك تلعب الورق في بيتك وعندما تخسر تتّصل بنا.
 فإن عدت لذلك مرّة أخرى سأزجّ بك في السّجن.
ثمّ اتّجه الضابط إلى الباب ليغادر فقال له اللصّ الخبير:
 سيّدي إن خرجت وتركتنا فقد يقتلنا.
عندها خرج اللصّان من المنزل بحماية الشرطة وكأنّ شيئًا لم يكن.

إنّها "خبرة اللصوص" الذين يأكلون أموال النّاس بالباطل، وما أكثرهم في عالم السّياسة، سياسة العهر والفساد، وقهر العباد.

المصدر : جنوبيات