بأقلامهم >بأقلامهم
أحمد الشرع رئيسًا انتقاليًا لسوريا.. بين دعم القوى الإقليمية والدولية واعتراضات المعارضة..!
أحمد الشرع رئيسًا انتقاليًا لسوريا.. بين دعم القوى الإقليمية والدولية  واعتراضات المعارضة..! ‎الخميس 13 02 2025 21:40 د. عبد الرحيم جاموس
أحمد الشرع رئيسًا انتقاليًا لسوريا.. بين دعم القوى الإقليمية والدولية  واعتراضات المعارضة..!

جنوبيات

في أعقاب الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، برز السيد أحمد الشرع، المعروف سابقًا بأبي محمد الجولاني، كزعيم للمرحلة الانتقالية في سوريا. هذا التطور قد أثار تساؤلات حول المنطق السياسي وراء اختياره وتسويقه عربياً وإقليمياً ودولياً، وما دور القوى الإقليمية والدولية في تنصيبه، بالإضافة إلى مواقف بقية أطراف المعارضة السورية تجاهه.

إن المنطق السياسي وراء تسويق أحمد الشرع كرئيس مؤقت لسوريا يستند إلى عدة عوامل منها:

  • القدرة على توحيد الفصائل المسلحة: بعد سقوط نظام الأسد، كانت هناك حاجة ماسة لقيادة تستطيع توحيد الفصائل المسلحة المختلفة تحت مظلة واحدة. الشرع، بصفته قائدًا سابقًا لهيئة تحرير الشام، تمكن من دمج العديد من الفصائل في الجيش السوري الجديد، مما يعزز الاستقرار الأمني في البلاد.
  • البراغماتية والواقعية السياسية: على الرغم من خلفيته الإسلامية المتشددة، قد أظهر الشرع مرونة سياسية من خلال الانخراط في الدبلوماسية العربية والإقليمية والدولية، مما أدى إلى إزالة المكافأة المالية التي كانت مرصودة لاعتقاله من قبل الولايات المتحدة. هذا التحول يشير إلى استعداده للتكيف مع المتطلبات الدولية والإقليمية والعربية.
  • الحاجة إلى ملء الفراغ السياسي: بعد انهيار النظام السابق، كان هناك فراغ سياسي كبير. جاء تولي الشرع للرئاسة المؤقتة كخطوة لملء هذا الفراغ والحفاظ على مؤسسات الدولة من الانهيار الكامل.

أدوار القوى الإقليمية والدولية في تنصيب أحمد الشرع

  • الدعم الخليجي: زيارة الشرع إلى المملكة العربية السعودية ولقاؤه مع ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان أشارت إلى دعم عربي خليجي للقيادة الجديدة في سوريا. هذا الدعم يهدف إلى تعزيز الاستقرار في سوريا والحد من النفوذ الإيراني والتركي في المنطقة.
  • الموقف الغربي والدولي: على الرغم من تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية سابقًا، أبدت بعض الدول الغربية استعدادًا للتعامل مع الرئيس الشرع نظرًا لتحوله البراغماتي وسعيه لإعادة بناء سوريا الجديدة. هذا الانفتاح الغربي والدولي يهدف إلى دعم الاستقرار والأمن في سوريا ومنع عودة الجماعات المتطرفة لتصدر المشهد فيها.
  • إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية: جاء دعم الشرع في سياق سعي بعض الدول الإقليمية لإعادة تشكيل التوازنات في المنطقة، خاصة مع تراجع نفوذ إيران في سوريا ولبنان بعد سقوط نظام بشار الأسد.

مواقف المعارضة السورية

تباينت ردود فعل المعارضة تجاه تنصيب أحمد الشرع:

  • المعارضة في المنفى: دعت شخصياتها، مثل هادي البحرة من الائتلاف الوطني السوري، إلى تشكيل حكومة انتقالية شاملة تضم جميع الأطياف السياسية. كما طالبوا بصياغة دستور جديد يعكس تطلعات الشعب السوري.
  • القوى الكردية: تم استبعاد القوات الكردية من المحادثات الدستورية، مما أثار استياءها. هذا الاستبعاد قد يؤدي إلى تعقيد الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار الشامل في البلاد.
  • الفصائل المسلحة: بينما انضمت بعض الفصائل إلى الجيش السوري الجديد تحت قيادة الشرع، لا تزال هناك فصائل أخرى متحفظة أو معارضة لقيادته، خاصة تلك التي تختلف أيديولوجيًا مع هيئة تحرير الشام.

التحديات التي تواجه أحمد الشرع

  1. بناء الشرعية: على الرغم من الدعم الإقليمي والدولي، يحتاج الشرع إلى بناء شرعية داخلية من خلال تحقيق تطلعات الشعب السوري وضمان مشاركة جميع المكونات في العملية السياسية.
  2. إعادة الإعمار: تتطلب إعادة بناء سوريا موارد هائلة وتعاونًا دوليًا. رفع العقوبات عن سوريا والحصول على دعم مالي سيكونان عنصرين أساسيين في هذا السياق.
  3. التعامل مع التحديات الأمنية: لا تزال هناك جيوب للمقاومة والتطرف في بعض المناطق السورية، مما يتطلب استراتيجية أمنية فعالة وشاملة للحفاظ على الأمن والاستقرار.

إن تسويق السيد أحمد الشرع كرئيس مؤقت لسوريا جاء نتيجة لمزيج من الضرورات الداخلية والتوازنات والتفاهمات الإقليمية والدولية. إن قدرته على التكيف والبراغماتية والواقعية السياسية، بالإضافة إلى الدعم الإقليمي والدولي، قد تسهم في تحقيق الاستقرار في سوريا. ومع ذلك، فإن نجاحه يعتمد على مدى قدرته على بناء توافق وطني داخلي شامل، دون إقصاء لأي من مكونات الشعب السوري، والتعامل مع التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه البلاد.

د. عبدالرحيم جاموس
13/2/2025 م
Pcommety@hotmail.com

 

المصدر : جنوبيات