بأقلامهم >بأقلامهم
الرياض بوابة السلام.. هل يشهد العالم نهاية قريبة للحرب الروسية الأوكرانية؟
الرياض بوابة السلام.. هل يشهد العالم نهاية قريبة للحرب الروسية الأوكرانية؟ ‎الخميس 20 02 2025 07:07 د. عبد الرحيم جاموس
الرياض بوابة السلام.. هل يشهد العالم نهاية قريبة للحرب الروسية الأوكرانية؟

جنوبيات

في خطوة تحمل دلالات استراتيجية عميقة، استضافت العاصمة السعودية الرياض، لقاءً رفيع المستوى بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي، في محاولة جديدة لإيجاد مخرج للأزمة الروسية الأوكرانية. 

 هذا اللقاء، الذي يأتي في ظل تحولات دولية متسارعة، يعكس الدور المتزايد للمملكة العربية السعودية  كوسيط يسعى إلى تحقيق الاستقرار العالمي، وسط تعقيدات سياسية وأمنية تهدد بتوسيع نطاق الصراع.
اختيار الرياض لاستضافة هذا الاجتماع ليس مجرد مصادفة، بل يعكس مكانة السعودية المتنامية في السياسة الدولية، وقدرتها على التوفيق بين الأطراف المتنازعة.
 فمنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حرصت المملكة على تبني موقف متوازن، فبينما تحافظ على شراكاتها الاستراتيجية مع الغرب، لم تتبنَّ نهج العداء مع موسكو، ما جعلها وسيطًا مقبولًا لدى الجانبين.
لم يكن الصراع في أوكرانيا مجرد مواجهة بين موسكو وكييف، بل تحوّل إلى اختبار فعلي للعلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة ، لعقود  ظلت القارة الأوروبية ،  تتبع السياسة الأمنية والخارجية الأمريكية، لكن الحرب كشفت حجم التكلفة التي تدفعها أوروبا بسبب هذا الولاء، سواء من حيث ارتفاع تكاليف الطاقة أو تزايد الإنفاق العسكري.
ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، ازدادت مخاوف القادة الأوروبيين، إذ يتبنى ترامب نهجًا براغماتيًا قد يدفعه إلى تقليل الدعم لأوكرانيا، ما يترك أوروبا في مواجهة مباشرة مع تداعيات الحرب، دون ضمانات أمريكية كافية. 
هذا الواقع يدفع بعض الدول الأوروبية إلى التفكير في خيارات بديلة، قد تشمل إعادة فتح قنوات الاتصال مع موسكو، بحثًا عن تسوية تنهي الحرب وتحمي مصالحها بعيدًا عن الهيمنة الأميركية،  ومع ازدياد القلق الأوروبي من سياسات ترامب، بدأت بعض العواصم الأوروبية تدرك أن العداء المطلق مع موسكو لم يحقق نتائج إيجابية، بل أدى إلى مزيد من التبعية لواشنطن،  وفي ظل احتمالية تقليص الدعم الأمريكي لأوكرانيا، قد تجد أوروبا نفسها مضطرة لإيجاد حل سياسي، قد يكون عبر وساطة طرف ثالث مثل السعودية، التي تمتلك علاقات جيدة مع الجانبين.
بناء على ما سبق هل سيتم  لقاء بوتين – ترامب تحت الرعاية السعودية ؟ و هل تكون الرياض منصة المصالحة وانهاء النزاع الروسي الأوكراني ؟
في ظل الجهود المبذولة لإيجاد تسوية، يترقب العالم لقاءً مرتقبًا بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب،  وإذا صحت التوقعات بأن الرياض قد تكون مقر هذا اللقاء، فإن ذلك سيؤكد على دورها كلاعب دبلوماسي رئيسي في حل الأزمات والنزاعات  الدولية، و قد يكون هذا الاجتماع نقطة تَحَول في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، وفرصة لإنهاء التوتر بين موسكو وواشنطن، وإعادة تشكيل المشهد الدولي على أسس جديدة، بعيدًا عن السياسات التصادمية التي لم تحقق سوى المزيد من الفوضى الدولية.

واذا ماتمت  المصالحة  والتسوية  بين اطراف النزاع  نرى جملة من التداعيات المحتملة على الأطراف و القوى الدولية  كما يلي:
روسيا: إنهاء الحرب بشروط مقبولة قد يعزز نفوذ موسكو، ويخفف من وطأة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
أوكرانيا: أي اتفاق قد لا يكون في صالحها بالكامل، خصوصًا إذا جاء نتيجة تفاهمات دولية تتجاهل موقفها ومصالحها .
الولايات المتحدة: ترامب قد يسعى إلى استثمار إنهاء الصراع كورقة سياسية، تمكنه من التركيز على مواجهة الصين.
الاتحاد الأوروبي: إيجاد حل للصراع قد يمنح أوروبا فرصة لاستعادة استقلالية قرارها، وتقليل تبعيتها للسياسات الأمريكية.
الشرق الأوسط: ترسيخ دور السعودية كوسيط دولي يعزز مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة في النظام  الإقليمي و العالمي الجديد.
 إذا ما نجحت الرياض في لعب دور محوري في تقريب وجهات النظر بين موسكو وواشنطن، فقد تصبح بالفعل بوابة السلام، التي تنهي واحدة من أكثر النزاعات  و الأزمات تعقيدًا في العصر الحديث، وترسم ملامح نظام عالمي جديد أكثر توازنًا.
 د. عبدالرحيم جاموس 
20/2/2025 م 
Pcommety@hotmail.com

المصدر : جنوبيات