عربيات ودوليات >أخبار دولية
"نساءٌ في قلب التكتيك"... عقوباتٌ أميركية تكشف "أساليب جديدة" لتمويل الحزب


جنوبيات
في خطوة جديدة تهدف إلى تكثيف الضغط على حزب الله وشبكاته المالية، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، يوم امس الجمعة، عقوبات على خمسة أفراد وثلاث شركات مرتبطة بحزب الله، وذلك في إطار الجهود الأميركية المستمرة لمكافحة تمويل الجماعات التي تعتبرها واشنطن "الإرهابية".
وشمل قرار العقوبات أفراداً وشركات تُعدّ جزءًا من شبكة مالية كبيرة تساعد في تعزيز نفوذ حزب الله، من خلال تسهيل عمليات تجارية تتضمن مبيعات النفط لصالح فيلق القدس الإيراني، كما تشارك هذه الشبكة في تمويل أنشطة حزب الله ودعمه المالي، بحسب بيان وزارة الخزانة الأميركية.
تأتي هذه العقوبات ضمن استراتيجيات واشنطن المستمرة لتفكيك شبكات التمويل التي يعتمد عليها حزب الله، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إيران وحلفائها في المنطقة. وقال برادلي تي. سميث، القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، إن هذه العقوبات تأتي في وقت "تستمر فيه الإدارة الأميركية في كشف وتفكيك مخططات تمويل حزب الله وأنشطته الإرهابية ضد الشعب اللبناني وجيرانه".
وكانت الولايات المتحدة قد صنّفت حزب الله "منظمة إرهابية" منذ عام 1997، وأدرجته في قائمة الإرهابيين العالميين في عام 2001. وقد عززت العقوبات الأميركية منذ ذلك الحين جهود تجفيف منابع التمويل التي تعتمد عليها هذه الجماعة، وهو ما يعكس السياسة المتصاعدة للإدارة الأميركية تجاه إيران ووكلائها في المنطقة.
من بين الشخصيات البارزة التي طالتها العقوبات الأميركية، رشيد قاسم البزال، شقيق محمد البزال، الذي كان يشرف على إدارة شركات تابعة لحزب الله مثل "تلاقي" و"توافق" و"نغم الحياة". وقد عمل البزال على إدارة هذه الشركات بناءً على توجيهات شقيقه محمد، الذي سبق أن فرضت عليه عقوبات في 2018.
أيضاً شملت العقوبات محاسن محمود مرتضى، زوجة محمد قصير، الذي كان يشرف على العديد من العمليات المالية لحزب الله حتى وفاته في أواخر عام 2024. كما تم فرض عقوبات على شركات متعددة مثل "سيكورول للستائر الزجاجية" و"المجموعة المتحدة اللبنانية"، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأفراد متورطين في هذه الشبكات.
وتشير التقارير إلى أن العقوبات الأخيرة تأتي ضمن إطار استراتيجيات أوسع تهدف إلى عزل حزب الله عن النظام المالي الدولي، مما يزيد من صعوبة تمويل عملياته العسكرية والاجتماعية. المحللون السياسيون مثل أمين بشير يؤكدون أن واشنطن تعمل على "تجفيف منابع تمويل حزب الله، ليس فقط عبر وقف تدفق الأسلحة، ولكن أيضًا من خلال فرض قيود مالية صارمة على مختلف شبكاته التجارية والمالية".
وفي هذا السياق، تشير التقارير إلى أن الحزب اضطر إلى اللجوء إلى أساليب غير تقليدية مثل التجارة غير المشروعة، تهريب البضائع، واستخدام العملات الرقمية، في محاولة لتجاوز الضغوط المالية، لكن مع تصاعد الرقابة الأميركية، أصبح الحزب يواجه تحديات متزايدة في تأمين الأموال.
فيما يتعلق بتأثير هذه العقوبات على حزب الله، أكد المحلل السياسي إلياس الزغبي أن الحزب يواجه صعوبة في استمرارية نشاطاته المالية بسبب التضييق الأميركي، مشيراً إلى أن العقوبات قد تكون قد أثرت على بعض المساعدات التي كان الحزب يقدمها لمناصريه، مثل المساعدات المالية للنازحين أو مشاريع الإعمار، مما أدى إلى احتجاجات داخل بيئته الشعبية.
وأشار الزغبي إلى أن هذه الإجراءات أثرت بشكل مباشر على حجم الدعم المالي الذي كان الحزب يحصل عليه، سواء من إيران أو من مصادر أخرى، ما أدى إلى انخفاض تأثيره داخل المجتمع اللبناني. كما أشار إلى أن الضغوط المالية يمكن أن تؤدي إلى تحولات في استراتيجية التمويل الخاصة بحزب الله، مما قد يجبره على تغيير طريقة عمله في المستقبل.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية، في تصريح لها، أنها رصدت تحركات للأفراد والشركات المرتبطة بحزب الله، مشيرة إلى أن أي انتهاك لهذه العقوبات يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات مدنية أو جنائية على الأفراد أو الشركات المتورطة. كما أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع للخارجية الأميركية عن مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى تعطيل هذه الشبكات المالية.
وفي ظل هذا التشديد المالي، يواجه حزب الله صعوبة في الحفاظ على تدفق الأموال التي يعتمد عليها لتمويل أنشطته العسكرية والاجتماعية. وقال المحلل السياسي أمين بشير إن "الحزب بدأ يواجه تحديات مالية غير مسبوقة، حيث تقلصت فوائده من تهريب المخدرات وغيرها من الأنشطة غير القانونية، كما أن الضغوط الأميركية على مصادر تمويله أدت إلى تراجع في قدرته على الاختراق المالي العالمي".
وتضاف هذه العقوبات إلى سلسلة من الإجراءات التي استهدفت شبكات تمويل حزب الله في السنوات الأخيرة، مما يعكس إرادة واشنطن في تقليص نفوذ هذه الجماعة في لبنان والمنطقة بشكل عام.