رعى رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام حفل تخريج طلاب جامعة المقاصد في كليات الدراسات الإسلامية، والتمريض، وإعداد المعلمين، وذلك بحضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي نال شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة تقديرًا لإنجازاته في المجالات الإسلامية والعلمية والقضائية والإدارية، وبمشاركة عدد من الوزراء والنواب والفعاليات.
استُهل الحفل بدخول موكب الخريجين وأعضاء الهيئة التعليمية، تلاه تلاوة آيات من القرآن الكريم، والنشيدين اللبناني والمقاصدي. بعدها، قدّم عريف الحفل صبحي قبلاوي رئيس جامعة المقاصد الدكتور حسان غزيري، الذي شدد في كلمته على أهمية العلاقة المتينة بين دار الفتوى وكلية الدراسات الإسلامية، معتبرًا أن هذا التعاون "يمثل استثمارًا في العمق الإسلامي والوطني لبيروت ولبنان، ويُشكل نموذجًا يُحتذى به في التفاعل المتوازن بين المرجعية الدينية والمؤسسة الأكاديمية".
وتابع غزيري: "انسجامًا مع رسالتنا المقاصدية، وبما يواكب متغيرات العصر، أطلقنا مشروع تأسيس كلية متخصصة تجمع بين علوم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، وبين العلوم الإنسانية والأخلاقية، لتبقى القيم السامية في صلب هذه التكنولوجيا، ولتخدم الخير العام والتنمية المستدامة". وكشف عن إنشاء وحدة بحث وابتكار في الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول مبتكرة في مجالات الصحة، التربية، الإدارة، والدراسات الإسلامية.
من جهته، ألقى رئيس جمعية المقاصد الدكتور فيصل سنو كلمة قال فيها: "همّنا في المقاصد صلاح المجتمع، وهذا لا يكون إلا برعاية تعليم وتربية مؤسّسين على ثوابت دينية، علمية، وأخلاقية". ووجّه كلامه لرئيس الحكومة بالقول: "في الآونة الأخيرة، بدأ الناس يشكون من عودة ممارسات عهدناها في العهود السابقة. النفي لا يكفي إذا كانت النتيجة واضحة. نحن بحاجة إلى إثبات أن زمن المحاصصة قد انتهى".
وأشار إلى أن اللبنانيين اليوم يخافون على بقاء الوطن، وليس فقط من خطف السياسيين له، وقال: "إذا زال الوطن فلن يخرج أحد بلا حساب". وأضاف: "لم نسمع يوماً عن مساءلة حقيقية للفاسدين والمستفيدين من المال العام، رغم أن القانون موجود – من أين لك هذا؟ – لكن الغبار أكل ملفه". وانتقد غياب المحاسبة للمؤسسات التي حولت أرباحها إلى الخارج بينما يعاني المودعون، رغم وعود الإصلاح.
بدوره، شكر المفتي دريان جامعة المقاصد على منحه شهادة الدكتوراه الفخرية، قائلاً: "أعتز بها كثيرًا لأنها من المقاصد، الجامعة والجمعية معًا". وأثنى على جهود نواف سلام "لحل المشكلات المتراكمة"، مشددًا على أن "موقع رئاسة الحكومة موقع وطني ودستوري لا يجوز لأحد أن يحاول المسّ به".
وتوجه إلى رئيس الحكومة بالقول: "امضِ فيما فيه خير لبنان، وستجد دار الفتوى والمقاصد وكل المخلصين إلى جانبك. نحن نحتاج إلى التماسك والتمسك بوحدتنا الوطنية، ولن تمر مشاريع التقسيم طالما نحن متمسكون بلبنانيتنا".
وفي كلمته، بارك نواف سلام للخريجين، واعتبر الدكتوراه الفخرية الممنوحة لدريان "دكتوراه في الوطنية". وتطرق إلى الواقع الراهن، قائلاً: "نحن نواجه حاجات فوق العادة، بسبب تراكم الأزمات المالية والاقتصادية والسياسية، ونعمل بجهد رغم شح الإمكانيات". وأوضح أن حكومته تسعى إلى إعادة بناء الدولة، وأوضح: "زرعنا بذورًا تحتاج إلى وقت كي تؤتي ثمارها، لكن ما حققناه في ٤ أشهر يحتاج غيرنا إلى سنوات لإنجازه".
وأشار إلى إنجازات حكومته، من أبرزها رفع السرية المصرفية التي أصبحت "نقمة بدل أن تكون نعمة"، وإطلاق مشروع إعادة هيكلة المصارف، والعمل على قانون الانتظام المالي.
وأضاف: "أعددنا مشروع قانون استقلالية القضاء، وأرسلناه إلى مجلس النواب. ونتابعه بجدية، لأن لا حياة عامة أو اقتصاد من دون قضاء مستقل يثق به الناس". كما لفت إلى وضع آلية شفافة للتعيينات في الدولة، تقوم على مبدأ الكفاءة والتنافس.
وقال سلام: "لا أطلب صبرًا طويلًا، ولكن علينا فهم المرحلة. نحن نعيد التأسيس ونضع الأساسات. حازت الحكومة ثقة النواب وثقة الناس، وسنحرص على الحفاظ عليها".
في ختام الحفل، تسلّم المفتي دريان شهادة الدكتوراه الفخرية من الدكتور فيصل سنو ورئيس الجامعة بحضور نواف سلام، ثم تم توزيع الشهادات على الخريجين، وأدى طلاب كلية التمريض قسم التخرج