أبناؤنا اليوم على وشك الخضوع للامتحانات، هذه الامتحانات ستنبئ نتائجها على مستوى كل طالب خلال العلامات التي سيحصل عليها، وبالتالي ستحدد وجهة سيره، من حيث العمل الذي سيلتحق به، أو الجامعة التي سيتابع دراسته فيها...

   ولا أخفي عليكم أنّ الامتحانات – ولا بديل عنها حتى الآن – مهمة، ومهمة جداً، وأريدكم أن تأخذوها على محمل الجدّ، ولكن بالمقابل اعلموا انها ليست كل شيء...

   أيها الآباء...

   إن لكم في الواقع أكثر من شاهد على ما أقول، فهذا الفنان المبدع لم يكن يوماً بحاجة إلى من يفهم الرياضيات، وكم من مقاول ناجح لا يلقي بالاً بقضايا الأدب والتاريخ، وهذا الموسيقي لا  تهمه درجات الكيمياء، وذاك الرياضي ينصبّ اهتمامه على اللياقة البدنية أكثر من قوانين الفيزياء.

   أقول ذلك وأنا على قناعة من أن طلابنا لو حصلوا على علامات جيدة، فهذا رائع، ولكن لو لم يتمكن أحدهم من ذلك، فلا تسحبوا ثقتهم بذاتهم، بل أخبروهم برغبة وقناعة أن هذا مجرد امتحان، وما كانت نتائجه هي المعيار الوحيد للتفوق والإبداع، قولوا لهم: أنتم مؤهلون لأشياء أكبر في الحياة، وان حبكم لهم لن يتأثر بما تحصلون عليه من درجات، لأنّ هناك إمكانات أخرى وكبيرة وعلينا المساهمة في إخراجها... وتذكروا ما قاله أنشتاين:
   "الجميع عباقرة، ولكن إذا حكمت على سمكة حسب قدرتها على تسلق الأشجار، ستقضي حياتها بأكملها معقّدة لاعتقادها إنها غبية".

   واعلموا أيّها الآباء أن مقاييس أحلام الآخرين للنجاح تختلف عن مقاييسكم، وأن أبناءكم ليسوا بحاجة إلى وقت جميل بقدر احتياجهم إلى قلب كبير.