بأقلامهم >بأقلامهم
... ورحل جمال
إلياس العطروني
يتساقطون كأوراق الخريف ويتركون في القلب حسرة وفي الحلق غصّة..
الواحد تلو الآخر، وتنقص لائحة الأعزّاء تاركة ذلك الفراغ المؤلم الذي لا يُمكن تعويضه، فراغ سطّرت حروفه السنون وأحداث العمر المتقلّبة.
جمال الشمعة آخر الراحلين..
ذلك الصديق والزميل ورفيق الدرب عبر عقود ترك الكاميرا فرس دون فارس ورحل.
أتذكّر ابتسامته في الأوقات القاتمة، والظروف الحالكة وكأني به منذور لمهمة لها عنده قدسية ما.
فهذا التفاني والمثابرة والمتابعة التي سجّلها على صفحات مؤسستنا «اللواء» تشهد له بضمير مهني قلَّ وجوده، مضافاً إلى خلق مجبول بالطيبة والصدق.
وهنا يتجسّد حجم الخسارة في رحيله.
غياب جمال الطيب الدمث الدؤوب يبعث في النفس الأسى لفقدان عزيز كان حضوره مفعماً بأريج زمالة عمر لم يُعكّر صفو نقائها على مدى هذه الزمالة والصداقة أي معكّر.
أتذكّره الآن وهو يسلّم ما أنجز وأشعر بأحساسه كأنه يسدّد أمانة، هذا الالتزام الضميري بعمله جعل منه حالة يقتدى بها في مجال العطاء والبذل.
لم يكن جمال بحاجة لمن يدله على وجهة العدسة هو المبادر والمتحرك الدائم في سبيل تقديم ما يجب تقديمه.
خبرته العملية كانت ثروة حقيقية بالإضافة لإخلاصه وتفانيه في سبيل المؤسسة التي يرفع لوائها ويضع اسمها على صدره وفي قلبه.
حزن عميق يخيّم على كل من عرفه وخصوصاً من عايشه وزامله وأدرك جوهر خلقه النقي.
حتى في أيام مرضه لم تنقطع اتصالاته مستفسراً عن الجميع وعن سير العمل.. إخلاص في الجهد.. ونقاء في السريرة.
أخي جمال..
خسارتك لا تعوّض.. أبكرت الرحيل..
إلى ملكوت الله وفردوسه.. وذكراك راسخة.