ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
في شهر التوعية على الصحة النفسية... أين دور الأخصائي النفسي المدرسي؟
في شهر التوعية على الصحة النفسية... أين دور الأخصائي النفسي المدرسي؟ ‎السبت 22 05 2021 09:33
في شهر التوعية على الصحة النفسية... أين دور الأخصائي النفسي المدرسي؟

سلام محمد الصغير*

ليس هناك من تعريفات متعددة للأخصائي النفسي المدرسي ولمهامه وأهميّة دوره في المدارس، فمن المعروف ان الأخصائي النفسي هو المسؤول عن تأمين مناخ دراسي صحي ومريح للطلاب ومواجهة الصعوبات التى تعترض المجالات التعليمية وحمايتهم من الوقوع في المشكلات النفسية والاجتماعية والاعتناء بدوافعهم وطموحاتهم وتوجيهها ذلك لان الطالب اليوم هو طالب يتوق الى نيل «الشهادة» ليصبح في ما بعد ذو دور فعال في المجتمع.

بعد هذه المقدمة، اسئلة عديدة تطرح نفسها والإجابات غامضة لحد الان  وغائبة مثل الدولة تماماً.

واليوم في ظل كل هذه الازمات المتتالية فمن ثورة ١٧ تشرين الى انتشار وباء كورونا، الى الحجر المنزلي والتعليم عن بعد الى انفجار المرفأ والافقار الكارثي والصادم، أليس من الطبيعي أن نضع علامات استفهام حمراء حول صحة الطلاب النفسيّة وعن نظرتهم نحو مستقبلهم؟ 

عند كل اسبوع من التعليم عن بعد ينتظر الطلاب وأساتذتهم قرارات جديدة من وزير التربية والقرار الاخير ليس العودة الآمنة وانقاذ العام الدراسي فحسب بل التعليم المدمج.

يوم عن بعد وآخر عن قرب .. مع التمسك بالاصرار على اجراء الامتحانات الرسميّة.

وكأنّ الخلاص الوحيد للطالب هو فقط تلك «الشهادة» التي سينالها، مع الاعتقاد أن الوزارة بهذا الحل قد أنقذت... وانتصرت!
اذا كان الهمّ الوحيد هو نيل الشهادة فماذا عما ينتظر الطلاب بعدها؟

كل سؤال يُطرح هنا... يُظهِر اكثر غياب الأخصائي النفسي عن المدارس وخصوصاً الرسمية منها، ويبرز بوضوح أكثر مدى اعطاء الشهادة الأهمية المطلقة أكثر من الطالب نفسه. إنّ من أهم المهام التي يكون الأخصائي النفسي المدرسي مسؤولا عنها هي التوجيه المهني، أي يكون مواكباً لاهتمامات الطلاب ولمجالات نجاحاتهم كي يساعدهم على اختيار التخصص الأنسب كما أنه يتابع مستوى التحصيل الدراسي لفئات الطلاب جميعاً للارتقاء بمستوياتهم إلى أقصى درجة تمكنهم قدراتهم منها ومساعدتهم في استغلال ما لديهم من قدرات واستعدادات إلى أقصى درجة ممكنة في تحقيق النمو السوي في شخصيتهم كما يساعدهم في استثمار الفرص جميعها في تكوين اتجاهات إيجابية نحو العمل المهني لدى الطلاب وفقاً لأهداف التوجيه والإرشاد المهني في ضوء حاجة التنمية في المجتمع بالإضافة الى تخصيص برامج خاصة للطلاب الموهوبين والمتابعة النفسية المستمرة للحالات الخاصة.

{ فما الذي يُطبَّق اليوم من كل هذه المهام والمسؤوليات؟ 

ما من أحد مسؤول عن انتشار الوباء والاضطرار الى الالتزام بالحجر المنزلي، ولكن كان لا بد لوزارة التربية والتعليم العالي من ان تقوم بتخصيص ولو عن بعد برنامج ارشادي، تدعيمي، وقائي يقدم من خلاله «اهل التربية» من أخصائيين نفسيين، اجتماعيين ومرشدين الوقاية والدعم النفسي اللازم  وما يحتاجه طلابنا من تقوية دوافعهم والاهتمام بها وتوجيهها والاستماع لما يواجهونه من صعوبات وتغيّرات، أقلّه ان نشعرهم أنّ هناك من هو بجانبهم ويفهم قلقهم ويهتم بصحتهم النفسية ويفكر معهم بالسبل الممكنة لتخطي كل ما مرّوا به  قبل وضع الخطط لإجراء امتحانات خطيّة تشعرهم بأنّهم مجرد أرقام ليس إلّا.

نأمل من الوزارة ان تنقذ «الطلاب» قبل الشهادات وألا تنسى أن هؤلاء يواجهون وأهلهم كل الازمات التيحلت بالوطن بالإضافة الى  القلق من الاصابة بالوباء، قلق الاهل من عدم القدرة على تأمين لقمة العيش أي « قلق الموت»!

قلق الاساتذة من عدم امكانية ايصال رسالتهم واتمام الحصة دون ان يعترضهم ضعف الانترنت او انقطاع الكهرباء، فماذا عما يشعره الطلاب؟

لا شك ان كل ما ذكرناه قد وضعهم تحت احباط شديد وضغوط نفسية هائلة ستظهر نتائجها لاحقاً وتتجسد في اضطرابات عديدة عاجلاً أم آجلاً لان الطالب هنا هو دائماً «المتلقي» وما من ولا حتى زاوية صغيرة من منهاجه مخصصة للسماح له بالتعبير عن ذاته وعما يدور في ذهنه لمن هو أهل لفهمه ودعمه والاصغاء له ومساندته.

إنّ علاج هذا الامر اليوم هو من مسؤولية وزارة التربية والتعليم، نأمل منها الالتفات قليلاً الى صحة الطلاب النفسية وتعزيز دور الأخصائي والمرشد النفسي في المدارس عامة والرسمية خاصة وتسليط الضوء عما يعانيه الطلاب اليوم، والسماح له بالتدخل الفوري لمعرفة كيف أصبح شكل أحلام هؤلاء الطلاب وطموحاتهم أو حدودها.

هذه الخطوة هي الأهم من أجل بناء مجتمع سليم ومعافى ولو لم تكن التربية السليمة هي الاساس لكانت «وزارة التعليم» فقط...
وبالتربية نبني.

 

*أخصائية نفسية   

المصدر : اللواء