لبنانيات >أخبار لبنانية
التفاؤل الحكوميّ يعود.. الطريق غير مسدود ولكن!
التفاؤل الحكوميّ يعود.. الطريق غير مسدود ولكن! ‎الجمعة 6 08 2021 13:02
التفاؤل الحكوميّ يعود.. الطريق غير مسدود ولكن!

جنوبيات

ما بين اللقاء الرابع بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلَّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي في قصر بعبدا، اختلفت الأمور رأسًا على عقب، أو أقلّه، هذا ما ظهر للرأي العام، حيث عاد "التفاؤل" ليطبع المشهد، استنادًا إلى كلام الرئيس المكلّف عن أنّ الطريق غير مسدود، وأنّه لم يقبل التكليف حتى لا يشكّل حكومة.

لكلام الرئيس ميقاتي الكثير من المعاني والدلالات، فهو حرص على "إيضاح" التفسيرات "المتباينة" لكلامه الأخير، حين قال إنّه كان يتمنّى أن تكون وتيرة التأليف "أسرع"، ودعا إلى البقاء على التوزيع الطائفي والمذهبي للحكومة السابقة تفاديًا لفتح "وكر الدبابير"، وذهب أبعد من ذلك بالحديث عن "مهلة غير مفتوحة"، "ويفهم اللي بدو يفهم".

بالأمس، خفّف الرئيس ميقاتي اللهجة، وشرح مقاصده ومراميه، لا سيّما بعدما ذهب البعض في تفسيراته وتحليلاته لحدّ الجزم بأنّ قرار الاعتذار قد اتُخِذ، وهو ما لم يشر إليه الرئيس المكلّف من قريب أو بعيد، بل ثمّة من أوحى بأنّ النقاشات الحكوميّة أقفِلت عمليًّا، وأنّ الرئيسين عون وميقاتي يتصرّفان وكأنّ الأمور انتهت، والاعتذار آتٍ، عاجلاً أم آجلاً.

 

"شو عدا ما بدا"؟

بمُعزَلٍ عن كلّ التفسيرات والتحليلات، فإنّ النتيجة الثابتة أنّ الأجواء اختلفت بالمطلق بالأمس. لم يخرج الرئيس ميقاتي من لقائه مع رئيس الجمهورية متجهّمًا بل مبتسمًا. تحدّث عن "تقدّم بطيء"، وعن "خطوة إيجابية" يُبنى عليها. نفى الالتزام بمهلة معيّنة، وأكّد أنّه يريد تشكيل الحكومة، وأنّ هذا هدفه الأول والأخير، بعيدًا عن كلّ ما أثير ويثار.

كلّ ذلك دفع كثيرين إلى التساؤل عمّا تغيّر بين اللقاء الرابع والخامس، أو بمعنى آخر، "شو عدا ما بدا". ثمّة من يُرجِع الأمر إلى محطّة الرابع من آب، التي تحدّث عنها الرئيس ميقاتي، فرغم اعتبارها من قبل "العهد" بمثابة "قطوع ومرق"، يبقى أنّها قرعت "جرس إنذار" آخر، ونبّهت المعنيّين إلى أنّ "المراوحة" ليست خيارًا، وإنّ "القطوع" قد لا يمرّ في المرّة المقبلة، إذا بقي "الانسداد" على حاله.

انطلاقًا من ذلك، يرى العارفون أنّ "مرونة" ظهرت في اللقاء الخامس، وانعكست تلقائيًا على تصريحات الرئيس ميقاتي "المتفائلة". ورغم أنّ التسريبات لم تكن مكثَّفة هذه المرّة، بقرار مدروس، يقولون إنّ السبب قد يكون التوافق على "تأجيل" البحث بالحقائب السيادية، لصالح التركيز على التوزيع الطائفي لمختلف الحقائب، ولا سيما الخدماتية منها، ليبدو التوافق عليها مُتاحًا وواردًا، وسط تمنّيات بأن يمتدّ ليشمل "العقد" الصامدة.

ماذا لو...

لكن، في مقابل هذه المرونة المعطوفة على ليونة يُظهرها الرئيسان، وفق التسريبات الإعلامية، ثمّة من يسأل عن مدى "الجدية" في التعبير عنها بهذا الشكل، وقبل ذلك، ما إذا كانت تعكس الحقيقة، أو بالحدّ الأدنى، صدق النوايا، منعًا لتكرار تجارب سابقة غير مشجّعة، تبيّن معها أنّ "الإيجابية" التي كانت تتبع بعض اللقاءات في بعبدا، في مرحلة تكليف الرئيس سعد الحريري، كانت وهمية إلى حدّ بعيد، وسرعان ما كانت تفضحها "البيانات النارية" بين الجانبين.

في هذا السياق، ثمّة من يتحدّث عن عامل "نفسيّ" قد يكون وراء الحرص على ضخّ الإيجابية، طالما أنّ الأمور لم تقفل بعد، علمًا أن الانعكاسات على سعر الدولار كانت واضحة، فهو ارتفع بشكل تلقائي بعد لقاء الإثنين وما أعقبه من أجواء "تشاؤمية"، وكاد يضيّع ما تحقّق بتكليف الرئيس ميقاتي، ويعود إلى الرقم القياسي الذي سُجّل يوم بعيد اعتذار الرئيس سعد الحريري، فإذا بتصريح الأمس يعيده إلى بدايات التكليف، ما أوحى عمليًا بـ"ارتياح" الرأي العام.

لكنّ هذا "الارتياح" لا يمكن أن يستمرّ طويلاً إذا لم تكن "الإيجابية" مستندة إلى أسُس واضحة، أسُس يخشى كثيرون أن تكون مفقودة رغم الحديث المتكرّر عن انفتاح وتعاون، إذ يرى البعض أنّ الأمور تدور حول حلقة مفرغة، طالما أنّ فريقًا محدّدًا يصرّ على حقيبة الداخلية، وينظر إليها وكأنّها "حبل النجاة" من "مأزق" الانتخابات النيابية المقبلة، وهو منطقٌ يدين بطبيعة الحال أصحابه، لأنّ التأثير على استحقاق ديمقراطي لا ينبغي أن يكون "امتيازًا" لأيّ وزير.

لا شكّ أنّ الأجواء "الإيجابية"، ولو بقيت في الخانة "الرمادية"، تبقى أفضل بأشواط من تلك "السلبية"، ولذلك يُنظر إلى لقاء الخميس في قصر بعبدا، على أنّه يعيد الأمور إلى "الصراط المستقيم"، رغم كلّ الصعوبات والمعوّقات التي لم ينفِها ولم ينكرها الرئيس ميقاتي، فهل يكرّس اللقاء السادس الأجواء "التفاؤلية"، أم أنّ "ما كُتِب قد كُتِب، والآتي أعظم"؟!

 

المصدر : جنوبيات