بأقلامهم >بأقلامهم
خطاب الامين: تعرية العدو ولجم غضب الحليف
جنوبيات
الثأر لصانعيْ النصر بات قاب قوسين وخروج الولايات المتحدة الأميركية من المنطقة حتمي أما بشائره السياسية والعسكرية والشعبية فقد بدأت تتعاظم. وما يتطلبه الحاضر هو التمييز بين العدو والصديق ليتحقق العدل.
تعطّرت بداية العام الجديد بذكرى استشهاد القائدين قاسم سليماني وجمال المهندس ورفاقهما في العراق، وأحيت دماؤهم الزكية ثورة النصر المتجسدة بمقاومة العدو لا محال. عدوّ حدده الأمين العام لحزب الله بدقة في خطاب ناري إقليمي غامزا من خلاله الى الداخل المتصدع دون أن يتكلف عناء التطرق إليه.
وفي ظل همروجة النكد السياسي المتبادل والخطابات التصعيدية والخطابات المضادة... عمد السيد نصرالله الى تهدئة اللعب حاصرا إطلالته التلفزيونية بالذكرى السنوية الثانية للشهيدين، متعاليا على دونية حملات التشويش الاعلامي والهجوم السياسي من جهة ومتجنبا محاولة الحلفاء إقحام حزبه في دهاليزهم القائمة على الشعبوية والعصبية من جهة ثانية.
اكتفى بداية وباقتضاب مدروس بالتأكيد على الحوار، الحرص على الحلفاء وتطوير العلاقة معهم بما يخدم المصلحة الوطنية. فأعطى التيار ما يريده مؤقتا ريثما تُعالج الأمور بروية وبصبر أيوبي بعيدا عن الإعلام والمواقف المتسرعة المتشنجة التي تفاقم المشكلة ولا تذلل عقباتها، معقبا على ضرورة مناقشة ما قيل وما كتب... ومؤكدا أن للكلام تتمة. فالمرحلة القادمة لا تحتمل طيشا سياسيا ولا "فرط" تحالفات على أعتاب الانتخابات النيابية.
وما تناوُلُه لدور الولايات المتحدة الأميركية التخريبي في المنطقة وأداتيها الإسرائيلية والوهابية إلا لتحديد المفاهيم والتمييز بدقة بين المصطلحات، إذ على أساسها ترتكز العلاقات في المرحلة المقبلة. وكأنه يغمز عفوا الى حليفه الشيعي خطورة التعامل مع القاتل والعدو.
فأميركا بعدما كانت الشيطان الأكبر أضحت عدوا مكتمل المواصفات مصيره المحتم الإخفاق مهما عظمت جرائمه واستفحل إرهابه. والسقوط قريب بهمة الأحرار.
طوّع السيد نصر الله المكان والزمان واستحضر منهما الرسائل وبثها للحلفاء محليا دون تكلف سياسي مسطرا استقامة نهج واحترام تفاهم، محذرا في المقلب الآخر من التعامل مع القاتل وفشل الرهان عليه مستشهدا ببراهين من الماضي القريب والحاضر المريب.
وما تأكيده على ضرورة وضوح الموقف بين الصديق والعدو وبين القاتل والشهيد إلا تفعيلا للوعي الذي يشهد حربا إعلامية شعواء لا يمكن الاستهانة بها.
جرأة الأمين وشجاعته المشهود لهما لا سيما فيما يتعلق بالشق السعودي لم تكونا موضع ترحيب من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي بادر إلى اعتبار مواقف قادة الحزب تسيء إلى اللبنانيين وإلى العلاقات مع الأشقاء، غاضًا النظر عن انتهاكاتهم المتكررة للسيادة اللبنانية وكرامة اللبنانيين ساسة ومواطنين واعلاميين.
وعليه، يصبح الحديث عن النأي بالنفس الذي دعا إليه ميقاتي مجرد فقاعة في الهواء. فالاحترام لا بد أن يكون متبادلا وقاعدة عدم الإساءة لا بد أن تحترم من الطرفين... والتجارب أثبتت أن الخنوع لا يجدي نفعا. فإلى متى الاستمرار في الذل؟