مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
«الجماعة الإسلامية»: مُفاجأة بانتخاب طقوش.. اختيارُ الاعتدال
ماذا عن العلاقات داخل الطائفة السنّية ومع «حزب الله» والمُكوّنات اللبنانية؟!
«الجماعة الإسلامية»: مُفاجأة بانتخاب طقوش.. اختيارُ الاعتدال ‎الخميس 15 09 2022 06:55 هيثم زعيتر
«الجماعة الإسلامية»: مُفاجأة بانتخاب طقوش.. اختيارُ الاعتدال

جنوبيات

شكّل انتخابُ أمين عام «الجماعة الإسلامية» في لبنان الشيخ محمد فوزي طقوش، مُفاجأة لم يكُن يتوقعها حتى أبرز المُتابعين لأدق التفاصيل داخلها.

جاءَت النتائج في أعلى مركزٍ قيادي لـ«الجماعة» في لبنان، ‏خلفاً للأمين العام السابق عزام الأيوبي، لاسمٍ لم يكُن يتردد في أيٍّ من المُشاورات، التي كانت تُرافق العملية الانتخابية مُنذ انطلاقها قبل فترةٍ.
وهي حسمَت جدلاً كبيراً، ردّاً على التأويلات والتحاليل، بشأن تموضُع «الجماعة» مع محورٍ بدعمٍ قطريٍّ وتركي، أو إعادة فتحِ علاقاتٍ مع «حزب الله» وإيران، ضمن محور المُقاومة!

فقد كان لأعضاء مجلس شورى «الجماعة» الـ40، الذين أوكل إليهم الناخبون في انتخابات المُحافظات، التي جرت مُنذ شهر تموز/يوليو 2022، رأي باختيار الشيخ طقوش، في الجلسة التي عُقدت، يوم الأحد في 11 أيلول/سبتمبر 2022، بحُضور 37 عضواً من بين 40، حيث نالَ الشيخ طقوش 30 صوتاً، فيما نال الشيخ أحمد العمري 6 أصوات، ‏بعد جولة أولى نال فيها طقوش 23 صوتاً والعمري 6 أصوات.

هذا علماً، بأنه لا تُوجد ترشيحات داخل «الجماعة» لمنصب الأمين العام، الذي يتمُ الاقتراعُ باسمه سراً من قبل الناخبين.
كان قد جرى خلال الفترة السابقة، التداول بقوة باسم الشيخ العمري لتولّي منصب الأمين العام، مع حديثٍ عن علاقته الوطيدة، وتلقّيه دعماً قطرياً وتركياً، على حسابِ فُتورٌ في العلاقة مع «حزب الله»، تعودُ أسبابها إلى موقفه ودوره داخل «الجماعة»، التي يتولى فيها منصب نائب الأمين العام أو رئيس «هيئة عُلماء المُسلمين» في لبنان ورئيس «لجنة القدس» في «الاتحاد العالمي لعلماء المُسلمين»، بشأن الأحداث في سوريا.

في جلسة الانتخاب، التي ترأسها الأمين العام الأيوبي، استُهلت بإعادة انتخاب محمد شاتيلا رئيساً لمجلس الشورى لولاية ثانية، مُتقدماً على مُنافسه الأيوبي بـ11 صوتاً.

اختيار نائبين والأمانة العامة
 بعد إنجاز انتخابات الشورى، ترأس شاتيلا العملية الانتخابية، فتم انتخاب طقوش.
لدى الأمين العام مُهلة أسبوعين من تاريخ انتخابه، لاختيار نائبين له، وتشكيل مكتب الأمانة العامة، الذي يضم مسؤولين مركزيين عن كل القطاعات داخل «الجماعة»، في طليعتها: السياسي، التنظيمي، المالي، الإعلامي والدعوي، حيث سيقترح أسماء لكل منها، تُعرض على مجلس الشورى الذي يختار من بينها.

ومن ثم يلي ذلك انتخاب أعضاء المكتب السياسي والمسؤولين في المُحافظات.
حتى الآن، كل الأسماء التي تُطرح تبقى في إطار التكهنات، فربما تكون هناك أسماء جديدة، مُفاجئة، وخير مثال ما جرى بانتخاب الأمين العام الشيخ طقوش.

يأتي انتخاب الشيخ طقوش في مرحلة دقيقة تمرُّ بها المنطقة بشكل عام، ولبنان بشكل خاص، والطائفة السنية بشكل أخص..
لذلك, ستكون لديه مهام مُتعددة تُلقى بكاهلها على أصغر الأمناء العامين سنّاً لـ«الجماعة» في لبنان، والذي يُعتبر من الجيل الرابع، واختياره من بيروت، إعادةٌ لتأكيد مكانة العاصمة، ودورها الريادي، من دون أي انتقاص من الأمناء العامين السابقين: الدكتور فتحي يكن، القاضي الشيخ فيصل المولوي، إبراهيم المصري وعزام الأيوبي، وإن كانوا من طرابلس، إلا أن حضورهم دائمٌ في بيروت.
- على الصعيد العربي: فإن ما تشهده المنطقة ما زال يُرخي بظلاله بفعل تداعيات ما عرف بـ«الربيع العربي».
- على الصعيد اللبناني: لا تزالُ الظروف الاقتصادية والمعيشية والحياتية الصعبة، تُؤثرُ بتداعياتها على حياة المُواطنين وواقعهم، الذي غيرته بشكلٍ كبيرٍ.

- في المشهد السياسي، بفعل تداعيات الأحداث في سوريا والنُزوح منها إلى لبنان.
- العلاقة مع «حزب الله»، امتداداً إلى إيران، والفُتور الذي حصل مع «الجماعة الإسلامية»، قبل أن يتمكن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، خلال زياراته السابقة، من تذليل بعض العقبات، وعقدِ لقاءاتٍ بين مسؤولين في الحزب و«الجماعة»، والانطلاقِ بحواراتٍ تبدأ من نُقاط الالتقاء والتوافُق، وترك وتأجيل البحثِ بالنُقاط الخلافية.
هذا علماً، بأن تاريخ «الجماعة» حافلٌ بالمُقاومةِ ضدَ الاحتلال الإسرائيلي، وفي مرحلة سبقت تأسيس «حزب الله» في العام 1982، وجناحها العسكري «قُوات الفجر». شاهدٌ على التصدي للاحتلال.

«الإعتدال» ركيزة
 * على صعيد الطائفة السنية: بعد ما شهدته من بُروزِ مجموعاتٍ تتبنّى أفكاراً بعيدة عن ثوابت طائفة «الاعتدال»، واستغلال البعض لهواجسٍ وشعورٍ بالمظلومية، ما أدّى إلى وقوعِ أحداثٍ وتوقيف أشخاص، بينهم من لم تتم مُحاكمته، أو ينتظرون «قانون العفو العام»، المُعطل، لأن جُزءاً كبيراً من موقوفي هذه الطائفة سيستفيدون منه.

أيضاً، بعد إعلان رئيس «تيار المُستقبل» الرئيس سعد الحريري عُزوفه عن العمل السياسي.
لذلك، فإن دور «الجماعة الإسلامية»، التي تنتشرُ على مُختلف المناطق اللبنانية، سيكونُ أساسياً من خلال إعادة تنظيم صُفوفها وتفعيل وجودها، انطلاقاً واعتماداً لمبدأ يرتكزُ على «الاعتدال».

يأتي انتخاب الشيخ طقوش، في مرحلة تتقاذف فيها لبنان الرياح العاتية، وتختلطُ فيها الملفات الإقليمية والدولية، ومحاولات استخدامها أو توظيفها، في إطار التجاذُبات وتصفية الحسابات، لذلك، لا شك أن الشيخ طقوش سيأخذ بتجارُب الآخرين، بالتأكيد على أولوية وخُصوصية الساحة اللبنانية،ومدى إمكانية الاستفادة من العلاقات الداخلية والخارجية إيجاباً لمصلحة لبنان، من دون الانصياعِ إلى تنفيذِ شعاراتٍ ومشاريع تضرُ بلبنان.

من يعرف أمين عام «الجماعة الإسلامية» الشاب، يتحدث أنه يتمتع بثقافة كبيرة، وسعة علم، وجرأة، وتمسّك بالحوار، وهو المطلوب، خاصة لاستقطاب جيل شاب، يُمكن بخطابٍ يُحاكي عقله، استقطابه وإبعاده عن شوائب مُحاولات تغذية الغرائز المذهبية والطائفية والمناطقية.

أيضاً أن تكون هناك ورشة عمل لـ«الجماعة» تُقيّم المرحلة السابقة، خاصة في ظل نتائج الانتخابات النيابية التي جرت خلال شهر أيار/مايو الماضي، والتي لم تُسفر إلا عن فوز نائب واحد لـ«الجماعة الإسلامية»، على الرغم من عدد المُرشحين الكبير، أو التحالفات التي أعطت أصواتاً إلى لوائح من دون أن تُعطي نتائج تمثيلية لـ»الجماعة» في المجلس النيابي!

في ضوء، هذه الانتخابات، لا شك أن «الجماعة الإسلامية» ستكون أمام جملة من التحديات، مع الحديث عن إمكانية بحث العمل تحت إسم «حزب الإصلاح والتنمية» الذي نالت «الجماعة الإسلامية» علماً وخبراً به، وأن تبقى «الجماعة» في الإطار الدعوي.
هذا الحزب، بإمكان أمين عام «الجماعة الإسلامية» السابق عزام الأيوبي، أو النائب الذي يُمثل «الجماعة» عن أحد المقاعد السنية في دائرة بيروت الثانية الدكتور عماد الحوت، الترشح إلى أي مركز فيه، لأن النظام الداخلي لـ«الجماعة الإسلامية» لا يُتيح للأيوبي الترشح لولاية ثالثة ولا للحوت الازدواجية بين النيابة والأمانة العامة.
من هو الشيخ محمد طقوش؟

الشيخ محمد فوزي طقوش «أبو البراء»:
- مواليد: بيروت 3/1/1973.
- مُتأهل من نورسال العمري (ابنة محمد العمري، شقيق الشيخ أحمد العمري)، ولديهما 4 أولاد.
- تتلمذ على يدي أمين عام «الجماعة الإسلامية» (الراحل) القاضي الشيخ فيصل مولوي.
- حائز على إجازة ليسانس في الشريعة الإسلامية، وهو إمام وخطيب في مساجد بيروت، وتسلّم رئاسة الدائرة الدعويّة خلال السنوات الأخيرة.

- تدرّج في «مدارس الإيمان» التابعة لـ«الجماعة» من مدرّسٍ، إلى أن تولّى لسنواتٍ طويلة إدارة فرعها في عرمون، قبل تقديم استقالته وتفرّغه للدراسة منذ نحو 6 سنوات.
- تولّى لسنوات عدة تدريس التربية الدينية في مدارس «الجماعة» في بيروت، مع الإمامة في بعض المساجد.
- نائب رئيس «جمعية التربية الإسلامية» المشرفة على «مدارس الإيمان».
- عضو في «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، وعضو شورى وعضو مكتب إداري في «هيئة العلماء المسلمين» وعضو شورى في «الجماعة الإسلامية».

‏آمين عام "الجماعة الإسلامية" المنتخب في لبنان الشيخ محمد طقوش يؤم الصلاة وبمشاركة الأمين العام السابق عزام الأيوبي ود. بسام حمود

 

 

المصدر : اللواء