لبنانيات >أخبار لبنانية
اللواء البيسري: الأمن خط أحمر والتعامل مع العدو خط أحمر مطلق
الأربعاء 6 09 2023 15:44جنوبيات
يعتبر عيد الأمن المحطة الأساسية في المناسبات التي تحييها المؤسسة، ويتحول إلى مساحة مراجعة لمسيرة عام مضى للانطلاق إلى ما يجب أن ينجز في العام الجديد، خصوصاً وإننا نعيش في ظل ظروف استثنائية لم يشهد لها لبنان مثيلا، وينصب الاهتمام على توفير السبل الكفيلة باستمرار الأمن العام في أداء مهماته والقيام بالأدوار المنوطة به.
في العيد الثامن والسبعين للأمن العام، كانت جردة شاملة عبر حوار مع المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، ركز فيها على المستجدات الأمنية وما قام به من أدوار لوأد الفتن والمشاكل، ووضع المؤسسة والطرق الناجعة لتحصينها في الاستمرار بأداء أدوارها لاسيما في خدمة المواطن المقيم والوافد، فاتحة باب أمل يتمناه قريبا لانفراج على صعيد الأزمات التي يعانيها لبنان، وفي مقدمها خلو سدة الرئاسة التي هي المدخل لحل كل الأزمات الأخرى.
نبدأ من المستجدات على الساحة اللبنانية، لاسيما الأمنية منها، هل يمكننا القول إننا تجاوزنا قطوع الكحالة؟
- لا يوجد مستجدات أمنية لأننا نعيش منذ سنوات في ظل يوميات أمنية، فكل يوم يقع وللأسف حدث امني أو سياسي أو اقتصادي. أما بالنسبة إلى الحادث المؤلم الذي وقع في بلدة الكحالة، اوجب علينا جميعاً تجاوز انعكاساته التي كادت أن تتحول كارثية لولا الجهد الذي قمنا به مع الخيّرين وكل الأفرقاء، لإبعاد البلد والشعب عن أي إنزلاقات خطيرة كلنا في غنى عنها في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن. وربما كان يجب أن لا نصل إلى ما وصلنا إليه، لكن لا بد من القول بأنه، وبالتعاون مع كل المعنيين والمسؤولين، تمكنا من احتواء هذه الحادثة منذ البداية وتفادي الأسوأ، وبالتالي منع حصول تطورات تودي بالبلاد إلى أمور قد لا تحمد عقباها. كذلك يجب ألا ننسى الجهود الكبيرة التي بذلها الجيش من خلال اتخاذ إجراءات ميدانية لمنع الاحتكاك المباشر ووقف أي محاولة لتوتير الجو، فكان لهذا التحرك مفعول حازم منع تطور الحادث، ووضع هذا الملف في عهدة القضاء ليأخذ مساره القانوني، ما جنب لبنان مجزرة كبيرة، بحيث كانت الأجهزة العسكرية والأمنية في موقف لا تحسد عليه، لأن الخشية كانت من أن تتطور الأحداث دراماتيكي ما يؤدي إلى فلتان أمني. إلا أن الجيش استوعب الصدمة، وتمكن من تطويق الأزمة وامتصاص النقمة والانفعالات. يبقى الأهم في نهاية الأمر، إن الجيش قام أولاً بواجبه على أكمل وجه، والقيادات السياسية والروحية استخدمت ثانيا صوت العقل، وعملت على تهدئة النفوس.
لعبتم دورا محوريا على رأس المديرية في وقف المعارك في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، توج باللقاء مع أعضاء هيئة العمل الفلسطيني المشترك في مكتبكم، هل طويت صفحة التقاتل في المخيم؟
- عمر القضية الفلسطينية عشرات السنين، وفرزت تداعيات كبيرة جدا في كل العالم ومن ثم تحولت إلى قضية العرب، لكن كان لها في لبنان وضع خاص، حيث كان هناك تعاطف كبير مع القضية الفلسطينية والشعب اللبناني كان معها وقدم لها كل ما يستطيع. نحن كجهاز أمني منوط بنا دور الحفاظ على الأمن في البلد، ولكن ليست لدينا القوة العسكرية اللازمة للتدخل والفصل كما هو حال الجيش، وهذا لا يمنعنا من القيام بادوار سياسية وتوفيقية وبعمل امني استعلامي، وان نستثمر علاقاتنا الطيبة مع الفلسطينيين للتخفيف والحد من هذه الأزمة. المديرية العامة للأمن العام لديها تاريخ في العلاقة الفلسطينيين بمختلف فصائلهم، وتحديدا مع سفارة دولة فلسطين كون الحصرية للمديرية بالتعاطي مع الأجانب، علماً أن الفلسطينيين يرتبطون بنا في معاملاتهم وأوراقهم الثبوتية، والقانون أناط بنا مسؤولية هذا الملف. ولكي نكون على مسافة مع الجميع، ارتأينا أن نتواصل مع هيئة العمل الفلسطيني المشترك التي تضم معظم الفصائل والقوى في المخيم، وهي هيئة شاملة تعمل على تسوية وتهدئة أي حادث في المخيم. حفّزنا الهيئة في الاجتماع على تثبيت وقف إطلاق النار وعودة النازحين، وإجراء تحقيق واقعي وجدي يستند إلى أدلة وإثباتات، لان التوقيفات تتم بناء على المعطيات الجدية والرسمية. وكان توافق على مجموعة من النقاط التي صدرت في بيان رسمي عن المديرية، وبالفعل حصل وقف إطلاق النار وان لم يتم تثبيته نهائيا بعد، وحصلت عودة للنازحين من المخيم. وكان لنا موقف واضح، وهو أن السلاح الفلسطيني الذي سمح به في اتفاق القاهرة عام 1969 في مواجهة العدو الإسرائيلي، فان هذا السلاح اليوم له ضوابط وهو حماية اللاجئين الفلسطينيين وإنما ليس لهدر الدم الفلسطيني. وقلنا لهم إن هذا السلاح ليس للاقتتال الداخلي، ويكفي الشعب الفلسطيني ما يتعرض له من عدوان إسرائيلي مستمر، وما يتسببه من هدر لدمائه، فلا تساعدوا عدوكم بتنازعكم فيما بينكم، في تصفية القضية الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة، علماً إن هذا الأمر خطير جدا. لا أحد يمكنه القول إن صفحة التقاتل قد طويت، إنما وضعنا الجميع أمام مسؤولياتهم حتى يفكروا ويعملوا بشكل صحيح، ونأمل في أن يكون ما حصل في المخيم عبرة لعدم تكرار الاشتباكات.
هل تقدمت هيئة العمل الفلسطيني المشترك إليكم بطلبات محددة، وهل قدمت ضمانات بعدم تكرار ما حصل؟
- في الحقيقة لم يطلبوا شيئا على الإطلاق، ولا أحد يستطيع تقديم ضمانات. هم سيبذلون جهدا جديا لعدم تجدد الاقتتال داخل المخيمات ولخلق مرجعية واحدة. اجتمعنا مع الهيئة كونها مرجعية في مخيم عين الحلوة، كما إننا سنتواصل رسميا مع سفارة دولة فلسطين، وما اللقاء مع الهيئة التي تضم حركة فتح في عدادها إلا لنكون قريبين أكثر من الحدث.
تحرككم السريع لمعالجة الوضع المتدهور في مخيم عين الحلوة، هل هو نتيجة معطيات عن نيات لتوسيع المواجهات إلى خارجه ونقل لبنان إلى مسار أمني خطير؟ بماذا تطمئن اللبنانيين لاسيما أبناء الجنوب، وتاليا الرعايا العرب والأجانب؟
- الأمن في لبنان خط احمر، وحماية الناس مسؤولية القوى الأمنية والعسكرية كافة وهي خط احمر أيضاً. عندما نتحدث عن امن اللبنانيين، فان الأمر ينسحب تلقائيا على امن الرعايا العرب والأجانب، وعلى كل من يقيم على الأرض اللبنانية ومن ضمنهم النازحون السوريون. انطلاقا من مسؤولياتنا نتدخل مع الفلسطينيين محاولين إيجاد حل لمشاكلهم، ونحن لا نخشى من تدهور الوضع، كما أن الخشية من توسع المواجهات لم تكن الحافز لنا لكي نتدخل، لأن أي حادث امني، كبيرا كان أم صغيرا، يجعلنا مسؤولين أكثر، فالمسؤولية المنوطة بنا هي التي دفعتنا للتدخل وليس الخوف. على الصعيد الأمني، نحن نستبق أي معطى سلبي ونمنعه من ان يتحول إلى واقع ميداني خطير، فالمسؤولية هي الأساس في عملنا وليس الخوف.
حصلت مجموعة من الحوادث المتفرقة من القرنة السوداء وعين ابل ومخيم عين الحلوة وصولا إلى الكحالة، هل هي حلقات مترابطة لمسلسل متعمد أو مجرد مصادفات؟ وكم قدرة الأجهزة الأمنية على التماسك في مواجهة هذه الأحداث؟
- كل حادثة من الحوادث التي ذكرتها لها ظروفها الخاصة ولا ترابط بينها. فالخلاف العقاري في القرنة السوداء يعود إلى زمن الأتراك وهو ليس محصورا في القرنة السوداء إنما موجود في العديد من المناطق اللبنانية مثل العاقورة ولاسا وغيرهما. هذه الخلافات القديمة تتجدد في أوقات ومناسبات معينة وخصوصا في مواسم شح المياه، وغالبية المناطق اللبنانية غير ممسوحة بشكل نهائي، ولا يمكن ربط حادثة القرنة السوداء بحادثة عين إبل في الجنوب وننتظر التحقيقات في شأنها لكشف الحقيقة. إما معارك المخيمات فهي منفصلة في مجتمع منفصل ولا ترتبط بحادثة الكحالة، لذلك لا ترابط بين هذه الحوادث على الإطلاق.
ما هو تقييمكم لمسار العمل في المديرية العامة للأمن العام بعد حوالي ستة أشهر على تسلمكم هذه المهمة، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد؟ وما هو عنوان هذه المرحلة وكيف تنظر إلى المستقبل؟
- بعد ستة أشهر في المسؤولية، كما قبل اثني عشر عاما، كنا دائما شركاء في المسؤولية، واليوم نتحمل جزءا أكبر منها. تسلمنا المسؤولية القيادية ولكننا لا نزال مع فريق العمل نفسه الذي كنا جزءا منه. نحن مسؤولون عن ما حصل في السابق كشركاء، واليوم نحن مسؤولين عن ما سيحصل لأننا على رأس المسؤولية. البلاد تمر بظروف صعبة منذ نحو ثلاث سنوات، من جائحة كورونا إلى انفجار المرفأ إلى الأزمة الاقتصادية والمالية. في هذه المرحلة نتأثر أكثر نظرا إلى تفاقم المشاكل المالية والاقتصادية التي تواجهنا وتؤثر على عديد المؤسسة في كل المجالات الاستشفائية والتعليمية والمعيشية، كما تؤثر على القدرة التشغيلية للمديرية ونعالج كل الصعاب بما أمكن للحفاظ على المؤسسة على مستوى العمل والأداء. المرحلة المقبلة هي مصدر تفاؤل وأمل، أما عنوان المرحلة فهو المواجهة وعدم الاستسلام.
التدهور الاقتصادي والمالي يترك تداعيات على عديد الأمن العام، كيف تتولون معالجة هذا الأمر؟ وهل هناك مساعدات من الخارج للأمن العام كما الأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى؟
- ويا للأسف لا نتلقى مساعدات من الخارج، بينما الأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى تحصل على مساعدات خارجية.لكن بفضل عملنا والقوانين المرعية الإجراء، نتمكن من تأمين موارد إضافية نخصصها مساعدات اجتماعية للعسكريين في المديرية حتى يستطيعوا إكمال عملهم، كما نعمل على إعطائهم المزيد وكل ما يتوافر لدينا نسخره لهم من دون تردد، لان الحاجة كبيرة ومهما قدمنا لهم لا نصل إلى الاكتفاء الذاتي.المشكلة في القطاع العام الذي نحن جزء منه الذي يتقاضى العاملون فيه رواتب بالليرة اللبنانية، عكس القطاع الخاص الذي ذهب إلى الدولرة. لكن على الرغم من كل شيء، لن نترك العسكريين وسنكون معهم في كل التفاصيل لاسيما تربويا وطبيا. باشرنا العمل على تأمين طبابة مستديمة تطمئن العسكريين وعائلاتهم، كما قمنا أيضاً بالاتصال بالمؤسسات التربوية لتأمين المنح التعليمية لأولاد العسكريين كافة، كما ستكون لنا مساهمات فردية في حال لم نتمكن من مساعدة أبناء عسكريين في توفير منح في مدارس معينة.
هل تأثر الانضباط في الأمن العام بالأزمة الاقتصادية والمالية مثل طلب الاستقالة أو الفرار؟
- المثل يقول "القلة بتجيب النقار". "القلة" موجودة، إلا أننا لا نزال نطبق كل القوانين على المخالفات التي تحصل، ونحاسب كل من يخالف القانون، وهذا أمر مهم جدا في ظل الظروف التي نمر بها.
عندما يذكر الأمن العام يقفز فورا إلى واجهة الأسئلة موضوع جوازات السفر، وقد أعلنتم أن دولة عربية تكفلت بتقديم مبلغ يوازي تأمين مليون جواز سفر، هل هذا الأمر قريب وهل من حل جذري لازمة الجوازات؟ وهل يمكن معرفة اسم هذه الدولة الشقيقة؟
- تناط بالأمن العام ثلاث مهمات: إدارية، أمنية وسياسية. إذا قصرنا أمنيا هناك شركاء في الأجهزة العسكرية والأمنية يقومون بالمهام ولا نلام، وإذا قصرنا في السياسة فكل الشعب اللبناني يتكلم سياسة ويملأ الفراغ، ولكن إذا قصرنا في الإدارة فهذه مشكلة ومنها جوازات السفر والإقامات وتأشيرات الدخول. ممنوع التقصير بالعمل الإداري وعلى رأسه جواز السفر الذي يشكل جزءا من سيادتنا. هناك دولة عربية طلبنا منها تقديم مليون جواز سفر وليس مالا لتأمين هذه الكمية، فسألت الدولة الشقيقة لماذا هذه الكمية الكبيرة وعدد سكان لبنان صغير نسبيا، قلنا لها الأمر ليس محصوراً بالمقيمين إنما بالمغتربين الذين يقدرون بـ17 مليون لبناني يفدون دائما للاصطياف في لبنان، وكلهم يصرون على الاحتفاظ بالجواز اللبناني حتى لو حملوا جنسية بلد آخر ويعتبرون الجواز اللبناني مصدر فخر لهم. صحيح نحن بلد صغير جغرافيا إلا انه كبير على مستوى الاغتراب. أزمة الجوازات بدأ علاجها منذ أيام اللواء عباس إبراهيم وتمكنا من تحقيق توازن، والى اليوم نحن ننجز 3 آلاف جواز يومياً ولا اعتقد أن هذه الكمية هي حاجة ملحة للبنانيين، بدليل إن هناك جوازات منجزة ولم يتقدم أصحابها إلى استلامها، وعندما يصير الأمر منجزا إداريا سنعلن من هي الدولة الشقيقة التي تكفلت بتمويل طبع مليون جواز سفر.
يحل عيد الأمن العام في ظل خلو سدة الرئاسة الأولى وتسلل الفراغ إلى مؤسسات أساسية في الدولة، هل من ضوء للفرج في نهاية هذا النفق المظلم؟
- لا نفق من دون نهاية، لذا نأمل في أن تكون نهاية الأزمة قريبة وقريبة جدا. ولا حل إلا بإعادة انتظام الأمور دستوريا من رأس الهرم إلى كل المؤسسات الأخرى، فلا دولة بلا رأس وبلا مؤسسة تنفيذية ومؤسسة تشريعية تعملان بشكل طبيعي، ولا دولة من دون مؤسسات تعمل ومصارف تقوم بدورها الطبيعي وإدارات تعمل ونقد وطني متين وغير منهار. على الرغم من الوضع الصعب، لا يوجد مقعد في طائرة قادمة إلى لبنان، فكيف إذا انتظمت الأحوال؟
- نأمل في أن يكون ما حصل في مخيم عين الحلوة عبرة لعدم تكرار الاشتباكات
- تجاوزنا حادثة الكحالة والجيش لعب دورا حاسما
- لا ترابط بين الحوادث الأمنية التي شهدها لبنان
- كل ما بين أيدينا نسخره للعسكر
- ممنوع التقصير في العمل الإداري وتحديدا جوازات السفر التي هي جزء من سيادتنا
- عندما تنجز كل الترتيبات نعلن عن اسم الدول العربية التي تكفلت طبع مليون جواز سفر
ومعايداً العسكريين: نحن عائلة واحدة تعمل لأجل لبنان
في العيد الثامن والسبعين للأمن العام، عايد اللواء إلياس البيسري العسكريين بالقول: "عافاكم الله على كل ما تقومون به وعلى كل الجهد الذي تؤدونه في ظل الظروف الصعبة. اشد على أيدي عائلاتكم الذين يتحملون هذه الصعاب. رهاننا انه معكم الأمن يتجدد، ومعنا ستكون كل الإمكانات والقدرات التي تتوافر في تصرفكم. هدفنا واحد، ونحن عائلة واحدة تعمل لأجل لبنان من ضمن مؤسسة رائدة في تنفيذ المهمات المناطة بها، مع التأكيد على إخلاصكم لمؤسستكم ووطنكم".