لبنانيات >أخبار لبنانية
دروز لبنان لأهالي السويداء: الّلهم قد بلغت الّلهم فأشهد
دروز لبنان لأهالي السويداء: الّلهم قد بلغت الّلهم فأشهد ‎الثلاثاء 12 09 2023 20:25
دروز لبنان لأهالي السويداء: الّلهم قد بلغت الّلهم فأشهد

جنوبيات

قبل حوالي أسبوعين تقريباً، أبدى أحد المقربين من النائب السابق وليد جنبلاط، إستغرابه من تحوّل التظاهرات التي خرجت لإسباب معيشية واقتصادية في السويداء إلى تظاهرات سياسية مطالبة بإسقاط النظام السوري، وتعمل على إقفال المؤسسات الحكومية.

إستغراب المتحدث الذي يتمنى كجنبلاط زوال النظام السوري إلى غير رجعة اليوم قبل الغد، إستند إلى غياب أي معطيات تشير بشكل قاطع إلى تغيّر المزاج الدولي أو خروجه من مرحلة المراوحة إلى الحسم النهائي، عبر اتفاقات وتقاطعات بين الدول الداعمة للنظام أو المناوئة له.

تاريخياً، وفي ما يتعلق بالسياسة والولاء، إشتهر الموحدون الدروز بأمرين، أولهما الولاء للدولة التي يعيشون بظلالها، وثانيهما نظرية طبق النحاس، بحيث يُعرف بأن "دروز العالم مثل طبق النحاس أن ضربته من شقه سوف يرن في شقه الأخرى"، أي أن الدروز في أي منطقة يتأثرون بما يجري مع دروز في منطقة أخرى ويهبّون لمساعدتهم.

في الأسبوع الأخير، ومع دخول التظاهرات شهرها الأول، بدأت الأمور تتوضح أكثر فأكثر مع خروج بيانات ومواقف صريحة لأطراف درزية لها ثقلها ووزنها، حتى جاء كلام المرجع الروحي الأعلى لطائفة الموحدين الدروز الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ، ليضع النقاط على الحروف ويرسم ما يشبه خارطة طريق تحقّق للموحدين الدروز في السويداء أهدافهم ومبتغاهم، وتقطع الطريق على زجّهم في أتون حرب لا يريدها أحد، والأهم يؤكد بأن الدروز لا يزالون يتمسكون بوطنهم، ويرفضون رفضاً قاطعاً المساهمة في أي مشروع انفصالي.

قبل البيان المصوّر للشيخ الصايغ، كان لافتاً موقف الشيخ موفق طريف رئيس الهيئة الروحية للموحدين في فلسطين، والذي أكد فيه ضرورة قيام الدولة السورية بواجباتها تجاه محافظة السويداء التي قدمت الكثير خلال فترة الحرب، وبالتالي يجب مكافأتها على موقفها الوطني والعروبي، والسؤال هنا، لماذا عُدّ موقف الشيخ طريف لافتاً؟ أمّا الإجابة فتكتنز في تفاصيلها، خروج أخبار ومزاعم في الأيام التي سبقت موقفه، عن رغبة لدى دروز فلسطين في انفصال أشقائهم في سوريا عن بلدهم، وتأسيس كيان مستقل ودعم هذا المشروع، ليأتي موقفه خلال الوقفة التضامنية منذ أيام ويدحض كل ما تم تداوله.

سياسياً، في لبنان، وإذا ما تمّ استثناء موقفي رئيس حزب "التوحيد" وئام وهاب، ورئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" طلال إرسلان بحكم علاقتهما القوية مع النظام، فلا يمكن القفز فوق الكلام الهادئ للنائب السابق وليد جنبلاط، بالإضافة إلى موقف شيخ العقل سامي أبي المنى، الذي طال أبناء محافظة السويداء، "بوحدة الإرادة والموقف"، داعياً الى "التمسك بهويتهم السورية العربية، ورفض أي طرح انفصالي وهم المدركون عاقبة أي تهوّر أو خنوع".

وأتى كلام الشيخ الصايغ، ليضيئ بشكل قاطع على موقف الدروز بشكل عام، خصوصاً أنه يُعَدّ المرجعية الروحية الأعلى في المنطقة، وليس في لبنان فقط، فتلبية مطالب الناس المعيشية أمر حتمي، ولا يمكن تسويفه، بحيث أن من واجبات الدولة تأمين حاجات الناس الذين يبحثون عن تأمين قوت عائلاتهم اليومي، لا تكرار معزوفة الحصار أو العقوبات المفروضة وتحرير المنطقة الشرقية حيث يوجد نفط وقمح، فلا يمكن أن تُسمِع المواطن العادي الذي ينادي بتأمين الحاجات الأساسية وإقصاء الفاسدين الذين تغلغلوا في إدارات الدولة دروساً عن "قانون قيصر" وتطالبه بتحرير حقل العمر النفطي بدير الزور.

كما أن دعوته إلى التبصّر في ما حدث في الدول الأخرى، حيث غابت سلطة الدولة أو نبذ الدعوات الإنفصالية، فترتكز على ما حدث في الدول المجاورة، أو حتى في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، فقبل يومين مثلاً التقى زعيم جبهة تحرير الشام - جبهة النصرة سابقاً - أبو محمد الجولاني بوفد يمثل وجهاء الدروز في جبل السماق لسماع مطالبهم، وهناك ظهرت الطامة الكبرى من القهر والقمع والجور والظلم، بحيث أن دروز إدلب الذين ينتشرون في حوالي خمسة عشر بلدة، لا تزال أكثر من سبعين بالمئة من أراضيهم الزراعية مصادرة من قبل جبهة الجولاني، ولا تحوي بلداتهم سوى على مدرسة إبتدائية واحدة ومستوصف، وفوق هذا كله يعانون من محاولة المسح الديني الذي تقوم به "النصرة"، والشبيه بما يحدث مع "الإيغور" في الصين.

حتى داخل السويداء نفسها والتي تقطنها غالبية درزية هناك خوف نابع من انقلاب المتظاهرين السياسيين على بعضهم البعض بفعل تضارب الإتجاهات والأهواء بين من يريد كيان ذاتي، أو إدارة مدنية مستقلة، أو العيش بظل دولة سورية غير موجودة حالياً، وبين جماعة مرهج الجرماني أو حركة الكرامة وحزب اللواء وتشكيلات اخرى، وبالتالي، يجري التخوف بظل ابتعاد النظام بأجهزته الإدارية والأمنية عن المحافظة من وقوع اقتتال بين المتظاهرين السياسيين أنفسهم يعيد تكرار اقتتال الفصائل السورية المعارضة بين بعضها البعض على المغانم والمواقع، واقتتال "داعش" و"النصرة"، أو "النصرة" و"جبهة ثوار سوريا".

المصدر : ليبانون ديبايت