بأقلامهم >بأقلامهم
"القناعة والرّضى"!
جنوبيات
في مسارِ حياتنا اليوميّة، تبرزُ مسألةٌ في غايةِ الأهمّيّةِ تجعلُنا في حالةِ البحثِ الدّائمِ بين توازنِ العرضِ والطّلبِ، وبين تكافؤِ العطاءِ والمنعِ، وبين تماهي القناعةِ مع الرضى، ألا وهي القبولُ في الواقعِ المعاش، والبعدُ عن مواطنِ الأوجاعِ في مخالطةِ الأوباش.
رحم الله جارنا السّيد محمد علي بدر الدّين "أبو لطفي"، فقد كان يردّد دائما هذه المقولة:
"من قنع من الدّنيا باليسير هان عليه كلّ عسير".
فالقناعة والرّضى من الأشياء الجميلة التي تريح النّفوس وتزيل بعضًا من الهموم، وترسم البسمة على شفاه كلّ مظلوم. القناعة كنز لا يفنى، فتجعلك تبتسم لحياتك، وتبتسم لكلّ ما هو حولك، وتفكّر في كلّ ما يسعدك، ولا تفكّر في أي أمر يقلقك.
القناعة والرّضى، ولو باليسير، يبعثان في روحك الأمل بغد أفضل، ويبعدان عنك القلق من المستقبل، ويجعلانك متفائلًا ومحبًّا للعطاء. فالأمل دواء، والقلق عناء، والتفاؤل رجاء، والمحبّة عطاء.
ومن شروط تحقُّق القناعة والرضى أن يستوي لديك المنع والعطاء. ومن هذا المنطلق عليك أن تتعايش مع واقعك بتوازن يجعلك تتفهّم الحياة بشكل أفضل، متسلّحًا بالأمل المحسوس في مواجهة التحدّيات والصّعاب لولوج باب الفرج القريب بإذن الله.
فالقناعة خير من الضّراعة، والتقلّل خير من التّذلّل، والفرار خير من الحصار، لأنّ الإنسان القانع والرّاضي بقدره لا يعرف الخراب ولا اليباب. وعليه، فمن لا يرضى بالقليل لا يرضى أبدًا.
هذا التّوجّه في مسار حياتنا اليوميّة وبحثنا الدؤوب عن الأمل نحو الأفضل بيسر وسهولة، دونما عسر وميولة، يجعل منك إنسانا عاقلًا وحكيمًا ممّا يدفعك إلى القبول بمقولة:
"وبرزق الله فاقنع، إنّ في الحرص مذلّة".
لذا:
"من قنع من الدّنيا باليسير هان عليه كلّ عسير". فحين تظنّ أنّ كلّ شيء انتهى يخلق الله لك مخرجًا لتبدأ مجدّدًا.
ونختم بالقول الفصل، وما هو بالهزل:
"القناعة هي الاكتفاء بالموجود، وترك الشّوق إلى المفقود".