بأقلامهم >بأقلامهم
"النّشوة الزائفة"!
جنوبيات
هذه القصّة أخبرنيها أحد زملاء الدّراسة في المرحلتين المتوسّطة والثانويّة، قائلًا لي:
سمعت هذه الحكاية من أحد كبار السنّ في بلدتي في الجنوب المقاوم وأحببت أن أسردها على مسامعك نظرًا لمضمونها القيّم والمفعم بالعبر والحكم الهادفة.
يُحكى أنّ قطًّا أدركه الهرم فأصبح يؤثر الكسل على أي عمل مفيد، فبات عبئًا على بني قومه، فنبذوه لكثرة كلامه بلا علم، وكثرة أكله بلا عمل.
سخط القطّ، فلجأ إلى كلب يناصب قومه العداء، شاكيََا له تنكّر قومه وضجرهم منه وزهدهم فيه، راجيًا منه أن يشفي غليله منهم.
وجد الكلب فرصته الذهبيّة ليحقّق مبتغاه، فحشد أقرانه وجعل القطّ في مقدّمتهم ليرشدهم إلى مواقع القطط، حيث أغاروا عليها وجعلوها شذرََا مذرََا وشرّدوا أهلها.
وقف القط ّالعجوز منتشيََا فوق الأطلال المدمّرة، وهزّ ذيله مسرورََا بانتصار الكلاب على بني قومه، وألقى قصيدة عصماء يشكر فيها كبير الكلاب على إعادته سيّدََا مُبجّلًا لوطنه.
عندها اقترب منه كبير الكلاب، ولطمه لطمةً رمته أرضََا بين الحياة والموت، وقال له هازئََا:
أيّها المغفّل إنّ وطنََا طردتك منه القطط أتبقيك فيه الكلاب؟!
لو علم فيك قومك خيرََا ما نبذوك، ولو كان فيك شيء من الوفاء ما كشفت لنا ظهر قومك.
ولو كنت ذا بأس ما لجأت إلينا.
أيّها التّعس أوَ بَلَغَ بك ظنّك الأحمق أنّ الكلاب تُنشئ لك وطنًا؟!
إنّها النشوة الزائفة لكلّ متآمر على وطنه ظنًّا منه أنّ الغريب سيكرمه ويحسّن من موقعه!
ولكن هيهات ثمّ هيهات...
فوالله الذي لا إله إلّا هو ما تآمر أحد على أهله وناسه إلّا وأنزل عليه الله غضبه، وكانت الذلّة والمسكنة والمهانة مأكله ومشربه!
فاعتبروا يا أولي الأبصار...