بأقلامهم >بأقلامهم
"الدّلو القديم"!
"الدّلو القديم"! ‎الجمعة 14 06 2024 20:29 القاضي م جمال الحلو
"الدّلو القديم"!

جنوبيات

إنّها قصّة من خيال كاتبها، لكنّها جميلة بأبعادها ومراميها. 

يُحكى أنّه في إحدى القرى اليابانيّة كان هناك امرأة عجوز تُدعى أوساكا، تحمل كلّ يوم دلوَيها لتعبئتهما من نبع رقراق على أطراف القرية الوادعة، وتأتي بهما إلى كوخها الصّغير حيث تعيش مع قططها الجميلة. 
وقد كان أحد الدّلوَين جديدًا ومتماسكًا، في حين أنّ الدلو الآخر كان قديمًا ومهترئًا ويوجد بعض الثّقوب الصّغيرة في وسطه. 
وفي كلّ مرّة كانت تحمل فيها العجوز أوساكا الدّلوَين لتعبئتهما من النّبع، كان الماء يصل إلى كوخها دلوًا ممتلئًا ودلوًا ناقصًا حتّى النّصف. 
وفي إحدى المرّات التفت الدّلو القديم نحو العجوز وهمس لها قائلًا:
"اعذريني على فعلتي، فقد تقدّم بي العمر وأصبحت عاجزًا عن أداء مهمّتي على أكمل وجه، بينما الدّلو الجديد لا يزال شابًّا ويؤدّي مهمّته بأحسن حال، وأجمل صورة"!    
ابتسمت العجوز وأجابته بصوت شجيّ وحنون:
"ولكن ألا ترى ما فعلت؟!
فعلى طول الطّريق من نبع الماء حتّى الكوخ، ومن جهتك أنت، قد نمت الأزهار التي شربت من الماء الذي تسرّب منك أيّها الدّلو الرّحيم"!
وعليه،
 وإن كانت هذه القصّة من وحي الخيال الهادف، إلّا أنّها تحمل في طيّاتها الكثير من معاني الحبّ والوفاء والعطاء. 
فالمرء وإن كبر به السّنّ يبقى معطاءً في خبرته وحكمته وحسن أدائه. 
جعلنا الله وإيّاكم ممّن عفى عنهم، ورضي عليهم، وغفر لهم وزادهم نورًا في الوجه، ورحابة في الصّدر، وسعة في الرّزق، ومحبّة في قلوب النّاس.
آمين يا رب العالمين...

المصدر : جنوبيات