بأقلامهم >بأقلامهم
"شعرة دقيقة"!
"شعرة دقيقة"! ‎الاثنين 28 10 2024 19:26 القاضي م جمال الحلو
"شعرة دقيقة"!


يقول أحد الحكماء:

 ثَمّة شعرة دقيقة بين الشّجاعة والتّهوُّر، والتّرفُّع والتّكبُّر، والتّواضع والذُلّ، والحرص والمُبالغة، والتّغافُل والتّهاون، والتّوكُّل والتّواكُل. تلك الشّعرة لا يزنها بمقياسها المُناسِب إلّا العاقِل، إذ يستحضر معها أن "ما زادَ شيءٌ عن الحَدّ، إلّا وانقلَب إلى الضِدّ".
لا تهتمّ بمن يكون رائعًا في البداية، بل اهتمّ بمن يبقى معك رائعًا للنهاية، ففي البداية كلّهم رائعون. لذا نصيحة العمر: "من يختارك في زحمة علاقاته، احتفظ به حتّى مماته".
يُتابع البعض حياتك ليتعلّم منك الحكمة، وبعضهم يُتابع عثراتك بالعتمة. كلاهما معجب؛ أمّا الأوّل فهو مُحبّ، وأمّا الثاني فهو حاسد.
لا شيء في الدنيا يدوم، فلا تغترّ برفعةٍ، أو كثرةٍ، أو مالٍ. ولا تيأس فوالله ما بكت عينٌ إلّا ولها ربّ يخبّئ لها الأجمل، ففوّض أمرك لربّك.
سيُقال عنك ما ليس فيك، وسيُقال لك ما لا تحبّ، وسيُقال إنّك فعلت ما لم تفعل، ولن تجد مَن يدفع عنك الأذى. فلا تبتئس، خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين. وحده الإخلاص في العمل يحقّق لك الأمل، فالمواقف وحدها كفيلة بأن تغربل قائمة معارفك، وأن تمسح من حياتك ناسًا، وتضيف إلى حياتك آخرين.
وعليه، ‏"كن بأخلاقك باقة من ورود الحياة، لونها الأمل، ورحيقها التّوكّل على الله، وعطرها احترام الآخرين".
اللهمّ اجعل رصيدنا في الدّنيا والآخرة حبّك وحبّ من يحبّك. كفانا الله وإيّاكم كيد الزائفين، وشرّ حاسد إذا حسد. 
آمين يا ربّ العالمين.