بأقلامهم >بأقلامهم
تراجع التفاول بإنتخاب ترامب..؟
جنوبيات
موجة التفاؤل التي رافقت إنتخاب دونالد ترامب رئيساً لأميركا، بدأت تنحسر بوتيرة متسارعة، سواء في بيروت أم في تل أبيب، بعدما تلاشى دخان الإنتصار، وبقيت مواقف الرئيس المثير للجدل، موضع أخذ ورد في الأوساط الديبلوماسية، التي تتعامل مع أداء الرجل بحذر وتحفظ، على خلفية مزاجه المتقلب، وتركيزه على المصالح الأميركية والشخصية، ووضعها فوق إعتبارات التحالفات الخارجية.
الحديث عن تعهدات ترامب بوقف الحرب في لبنان وغزة، سرعان ما كشف أن لا تحرك جدّي في هذا الإتجاه قبل تسلمه صلاحياته الرئاسية بعد سبعين يوماً، في العشرين من كانون الثاني المقبل. وبالتالي فإن هذه الفترة، تُعتبر فرصة إضافية لنتنياهو لمتابعة عدوانه السافر على لبنان والقطاع، وتنفيذ ما تبقى من برنامج التدمير المنهجي، الذي يهدد اليوم الآثار التاريخية في بعلبك وصور، والمصنفة على لائحة التراث العالمي، وتعتبر آثاراً حضارية تُجسد مراحل مهمة في التاريخ الإنساني.
ثم تبين أن الإدارة الجديدة تضع شروطاً مشددة لوقف النار، أين منها شروط نتنياهو نفسه، لأن الفريق الأميركي يتصرف وكأن حزب لله لم يعد موجوداً، وبالتالي فلا دور له في العمل السياسي، بعد القضاء على دوره العسكري.
وهذا يعني بالمقاييس الأميركية أن الحرب مستمرة، وبعنف وحشي متزايد، إلى أن يتم القضاء على الحزب عسكرياً!
وفي سياق موازٍ، كان لافتاً ظهور بوادر شكوك وتحذيرات في الإعلام الإسرائيلي لنتنياهو بعدم الذهاب بعيداً في «التطبيل» لوصول ترامب إلى البيت الأبيض، نظراً لمواقفه المتقلبة من «المصالح الإسرائيلية» عامة، ومن نتنياهو خاصة، حيث وصفه غداة عملية طوفان الأقصى بالخاسر الفاشل مع وزرائه في الإئتلاف اليميني، فضلاً عن تحفظ ترامب المعروف في تقديم المساعدات خارج الولايات المتحدة، حيث سبق له وطالب الدول الأوروبية زيادة مساهماتها المالية في حلف الناتو، تحت طائلة إنسحاب أميركا من الحلف.
والمعروف أن بايدن قدّم للدولة العبرية مساعدات مالية مباشرة بلغت ١٨ مليار دولار، إضافة لعشرات المليارات من الدعم العسكري، عبر الجسور الجوية والبحرية التي كانت تنقل الأسلحة، بما فيها طائرات «.»F35’ والذخيرة بما فيها القنابل والصواريخ المتطورة الخارقة للتحصينات تحت الأرض. ومن المستبعد أن يتكرر مثل هذا الدعم غير المسبوق في عهد الرئيس المنتخب.
لعله من المبكر التكهن بتوجهات ترامب الحاسمة لإنهاء الحروب في المنطقة، كما وعد، والإنتقال لاحقاً لإيجاد الحلول المناسبة للمسألة الفلسطينية، ولكن إهتمام المحيطين به، خاصة مستشاره للشؤون العربية صهره اللبناني الأصل بولس مسعد، بالوضع اللبناني، وبإيجاد الحل النهائي للقضية الفلسطينية، يترك فسحة أمل.. بانتظار دخول ترامب البيت الأبيض بعد شهرين ونيّف، ونحن في دوامة هذه الحرب المدمرة، مجردين من أبسط مقومات الصمود.