بأقلامهم >بأقلامهم
أميركا و"إسرائيل" وتصفية القضية الفلسطينية بين التخطيط والتنفيذ



جنوبيات
مع تصاعد العدوان الإسرائيلي في عام 2025 م ، يتضح أن الاحتلال، بدعم أمريكي غير محدود، يعمل على إعادة هيكلة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بهدف حسمه لصالح إسرائيل، عبر تصعيد القتل والتهجير في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وتحويل القضية الفلسطينية من ملف سياسي إلى أزمة إنسانية تُدار عبر الإغاثة، لا عبر الاعتراف بالحقوق المشروعة.
هذه الاستراتيجية ليست وليدة اللحظة، بل امتداد لخطط إسرائيلية قديمة، أبرزها خطة "الحسم" التي طرحها اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش عام 2017، والتي تقوم على إجبار الفلسطينيين على العيش دون حقوق وطنية، أو الرحيل، أو الخضوع لقمع دموي مستمر.
سياسات إسرائيلية ممنهجة في الضفة الغربية، فقد تسارعت وتيرة هدم المنازل ومصادرة الأراضي، حيث تهدم إسرائيل المباني الفلسطينية بوتيرة أسرع مما يمكن إعادة بنائها، بينما تزداد هجمات المستوطنين، المدعومين من الجيش، لترهيب الفلسطينيين وإجبارهم على الهجرة القسرية، واجتياحات المدن والمخيمات بذريعة القضاءعلى كتائب المقاومة التي ظهرت وتظاهرت في بعض المخيمات في شمال الضفة الغربية.
تهدف هذه السياسة إلى خلق واقع يجعل الوجود الفلسطيني مستحيلًا، تمهيدًا لإحكام السيطرة الكاملة على الضفة الغربية.
في قطاع غزة، رغم إعلان وقف إطلاق النار، لا تزال المجازر مستمرة، حيث تُستخدم القنابل الأمريكية الضخمة التي زود بعا الكيان ، ( مثل 1800 قنبلة من طراز MK-84 )، لإستخدامها في تدمير أحياء كاملة، مما يعكس نية واضحة لتفريغ القطاع من سكانه تدريجيًا، في الوقت نفسه.
تُطرح مشاريع تهجير قسري إلى مصر والأردن كجزء من مخطط إسرائيلي-أمريكي لتصفية القضية الفلسطينية ديموغرافيًا رغم إعلان الرئيسترامب تراجعه عن تصريحه بهذا الشأن بسبب ما قوبل به من رفض فلسطيني وعربي ودولي، إلا ان هذا التراجع لا يعد نهائيا وإنما تكتيكيا .
لم تكتفِ الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بالسلاح، بل تبنت سياسات تدعم الحسم الإسرائيلي على عدة مستويات:
1. التسليح والدعم العسكري: شحنات الأسلحة الأمريكية تتيح لإسرائيل تنفيذ عمليات إبادة دون خوف من محاسبة دولية، حيث تُستخدم هذه الأسلحة ضد المدنيين بشكل مباشر.
2. التغطية السياسية: تمنح واشنطن تل أبيب الحماية الدبلوماسية في المحافل الدولية، وتعرقل أي محاولات لمحاسبة الاحتلال على جرائمه، وترهب المحاكمالدولية ، وترهب المتضامنين مع الشعب الفلسطيني ، في امريكا وخارجها .
3. التلاعب بالمشهد السياسي الفلسطيني ، حيث تعمل واشنطن على إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية لصالح كيانات بديلة ، تفتقر إلى الشرعية الوطنية، بهدف تقويض أي إطار سياسي يمكنه تمثيل الفلسطينيين على الساحة الدولية.
سياسات التهجير القسري تنتقل من نظرية إلى الواقع، إنها إحدى أخطر السياسات التي يجري تنفيذها اليوم على أرض الواقع ، هي إعادة إحياء مشاريع التهجير القسري، حيث بدأت تُناقش مقترحات لترحيل سكان غزة إلى دول مجاورة.
هذه المخططات، التي يتم التمهيد لها عبر خلق ظروف معيشية مستحيلة داخل القطاع، تعكس تحولًا خطيرًا في الاستراتيجية الإسرائيلية من إدارة الصراع إلى محاولة التصفيته نهائيًا، عبر تغيير التركيبة السكانية في المناطق المحتلة وخاصة منها المخيمات في غزة والضفة، و العمل على إلغاء حق العودة عمليًا.
التحديات أمام الفلسطينيين: الانقسام والصمود
في ظل هذه المخططات يواجه الفلسطينيون تحديات كبرى اهمها الانقسام الداخلي ، وغياب الرؤيا الوطنية الفلسطينية الموحدة و استمرار الانقسام الذي يضعف القدرة على التصدي للمخططات الإسرائيلية.
اضف الى ذلك ضعف الموقف العربي ، رغم بعض التحركات الديبلوماسية ، تظل المواقف العربية عاجزة عن فرض ضغوط حقيقية على إسرائيل.
القمة العربية المرتقبة في 4 مارس 2025 م قد تمثل فرصة لإعادة توحيد الموقف العربي وتصليبه ، لكن نجاحها يتطلب تجاوز الحسابات الضيقة.
ثم ازدواجية المعايير الدولية، استمرار الصمت الدولي يشجع إسرائيل على التمادي في جرائمها، لذا فإن الفلسطينيين مطالبون بتكثيف العمل السياسي و الدبلوماسي والقانوني لمحاسبة الاحتلال ومواجهة خططه في التهجير ورفضالضم .
ليس امام الشعب القلسكيني سوى الصمود كخيار استراتيجي والعملعلى تثبتهم على ارضهم، لأن ما يجري اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو تنفيذ دقيق لخطة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائيًا.
ومع ذلك، قد أثبت التاريخ أن الشعب الفلسطيني قادر على مقاومة محاولات الاقتلاع، وأن دعم الشعوب العربية والعالمية له يمكن أن يشكل أدوات ضغط حقيقية على اسرائيل _ وأميركا.
يبقى دعم الصمود الفلسطيني، مع تطوير رؤية وطنية فلسطينية موحدة، العنصر الأساسي لإفشال هذه المخططات، وضمان استمرار النضال الفلسطيني الشعبي والرسمي على كافة المستويات، حتى تحقيق الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
د.عبدالرحيم جاموس
الرياض.
23/2/2025 م
Pcommety@hotmail.com