بأقلامهم >بأقلامهم
الغريبة: " الحقيقة"
الغريبة: " الحقيقة" ‎الخميس 27 02 2025 17:03 د.هبة المل أيوب
الغريبة: " الحقيقة"

جنوبيات

قادت الغريبة سيارتها بجنون بعد ان استقرّت الأوضاع وبعد ان اكتشفت الحقائق التي لطالما شغلت ذهنها وبحثت عن اجابات لها، قادت السيارة والدموع على خديها لم تستطع ايقاف البكاء الناجم عن ألم عميق يدمي القلب ، بكاء الروح والقلب في آن واحد، الى أن وصلت منزل والدتها ، فترجّلت من السيارة متظاهرة بالقوة وكأن شيئاً لم يكن.
قالت لها والدتها : لما كل هذا الغياب فأنت الإبنة الصغرى وانا اعتدت على رؤيتك دائماً الى جانبي.
قالت الغريبة نعم لكن الأمور لم تعود كما كانت فالمشاكل مع "منذر" لا تنتهي وانا حتى الحين لم اتقبل هذا الرجل .
كانت الغريبة كثيرة البكاء في طفولتها ووالديها لم يدركوا انها فتاة شديدة الحساسية، ولم يدركوا انها تملك قلب طفل ولديها من البراءة ما تكفي لكونها شفافة وواضحة  كالصفحة البيضاء ، كما وأنها حقيقية وصادقة الى أبعد الحدود، هذه الصفات اوقعتها في مشاكل منذ ترعرها في منزل والديها  ، كانت فطرتها سليمة لإكتشاف حقيقة الأشخاص مما حولها، لكن لم تكن تملك المعرفة الكافية حينها لإكتشاف من هو "منذر"،  لكن الذي وقع وقع، ولا يمكن لأحد محاربة القدر .
فجأة رنّ جرس الهاتف، اجابت والدتها وهي تنظر الى الغربية وتهزّ برأسها ، كان منذر يهاتف والدتها متظاهراً بالإهتمام ، اي انه يظهر شيء وهو في الحقيقة يضمر شيئاً آخر .  
اكتفت الغريبة بالإستماع الى والدتها، دون اي ردة فعل ازاء هذا الموقف المشحون ،والمليء بالمشاعر السلبية.
قالت لها والدتها أصحيح ما يقوله منذر ، نظرت اليها الغريبة والحزن يعصر قلبها والخيبة تملأ وجدانها، فوالدتها لا تعرف حقيقة منذر، ذلك الرجل الذي كان بمثابة انذار للغريبة،  بأنها لا تستطيع العيش في هذه الدنيا الغابة وهي بقلب طفل ، اذ لا بدّ من تلقي الدرس في الحياة والخروح منها بعبرة لتتابع بقية حياتها ولكن الدرس كان قاس جدا عليها  .
والدتها لا تشعر بكمّ الألم الذي يجتاح ابنتها تكتفي برؤية الظاهر، بأن منذر رجل مقتدر ويستطيع ان يلبّي كل احتياجات ابنتها، وهنا تكمن السعادة بالنسبة للوالدة، ولكن ليس بالنسبة للغريبة .  
د.هبة المل أيوب

المصدر : جنوبيات